للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - الْقِصَاصُ يَرْدَعُ الْقَاتِل عَنِ الْقَتْل لأَِنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَفَّ عَنِ الْقَتْل بَيْنَمَا الثَّأْرُ يُؤَدِّي إِلَى الْفِتَنِ وَالْعَدَاوَاتِ.

يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُول تَغْلِي قُلُوبُهُمْ بِالْغَيْظِ حَتَّى يُؤْثِرُوا أَنْ يَقْتُلُوا الْقَاتِل وَأَوْلِيَاءَهُ، وَرُبَّمَا لَمْ يَرْضَوْا بِقَتْل الْقَاتِل، بَل يَقْتُلُونَ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِ الْقَاتِل كَسَيِّدِ الْقَبِيلَةِ وَمُقَدَّمِ الطَّائِفَةِ، فَيَكُونُ الْقَاتِل قَدِ اعْتَدَى فِي الاِبْتِدَاءِ، وَتَعَدَّى هَؤُلاَءِ فِي الاِسْتِيفَاءِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ الْخَارِجُونَ عَنِ الشَّرِيعَةِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ مِنَ الأَْعْرَابِ، وَالْحَاضِرَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ يَسْتَعْظِمُونَ قَتْل الْقَاتِل لِكَوْنِهِ عَظِيمًا أَشْرَفَ مِنَ الْمَقْتُول، فَيُفْضِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُول يَقْتُلُونَ مَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَاتِل، وَرُبَّمَا حَالَفَ هَؤُلاَءِ قَوْمًا وَاسْتَعَانُوا بِهِمْ وَهَؤُلاَءِ قَوْمًا فَيُفْضِي إِلَى الْفِتَنِ وَالْعَدَاوَاتِ الْعَظِيمَةِ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ خُرُوجُهُمْ عَنْ سَنَنِ الْعَدْل الَّذِي هُوَ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى، فَكَتَبَ اللَّهُ عَلَيْنَا الْقِصَاصَ، وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ، وَالْمُعَادَلَةُ فِي الْقَتْلَى، وَأَخْبَرَ أَنَّ فِيهِ حَيَاةً فَإِنَّهُ يَحْقِنُ دَمَ غَيْرِ الْقَاتِل مِنْ أَوْلِيَاءِ الرَّجُلَيْنِ، وَأَيْضًا فَإِذَا عَلِمَ مَنْ يُرِيدُ الْقَتْل أَنَّهُ يُقْتَل كَفَّ عَنِ الْقَتْل. (١) قَال


(١) السياسة الشرعية لابن تيمية / ١٥٦ - ١٥٧