للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَوَائِحِ فِي الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ، فَإِذَا تَلِفَتِ الثِّمَارُ بِجَائِحَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، سَوَاءٌ أَتَتِ الْجَائِحَةُ عَلَى كُل الثِّمَارِ أَمْ بَعْضِهَا لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ (١) وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلاَ يَحِل لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَال أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ (٢) .

ثُمَّ إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ اشْتَرَطُوا لِوَضْعِ الْجَوَائِحِ أَنْ تُصِيبَ الْجَائِحَةُ ثُلُثَ الثِّمَارِ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ أَصَابَتْ أَقَل مِنَ الثُّلُثِ لَمْ يُوضَعْ عَنِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ، وَإِذَا أَصَابَتْهُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتُهَا بَعْدَ حَطِّ مَا أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْجَائِحَةَ مِنَ الْعَطَشِ فَيُوضَعُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا سَوَاءٌ بَلَغَتِ الثُّلُثَ أَمْ لاَ.

وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْجَائِحَةُ قَبْل التَّخْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا. فَقَالُوا: إِنْ تَلِفَتِ الثِّمَارُ بِجَائِحَةٍ قَبْل التَّخْلِيَةِ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَهَذَا فِيمَا إِذَا أَتَتِ الْجَائِحَةُ عَلَى كُل الثِّمَارِ، أَمَّا إِذَا أَتَتْ عَلَى بَعْضِهَا فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ مِنَ الْعَقْدِ بِقَدْرِ التَّالِفِ،


(١) حديث: " أمر بوضع الجوائح " أخرجه مسلم (٣ / ١١٩١ - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(٢) حديث: " إن بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق ". أخرجه مسلم (٣ / ١١٩٠ - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله