للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْل:

أَنَّ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ يُسْتَعْمَلاَنِ اسْتِعْمَالاً وَاحِدًا - فَهُمَا مِنَ الأَْسْمَاءِ الْمُتَرَادِفَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى مُسَمًّى وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنِ الآْخَرِ فِي الأَْحْكَامِ بِحَرْفِ الْبَاءِ - قَال تَعَالَى: {وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً} (١) سَمَّى تَعَالَى الْمُشْتَرَى وَهُوَ الْمَبِيعُ ثَمَنًا، فَدَل عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مَبِيعٌ، وَالْمَبِيعَ ثَمَنٌ.

وَلِهَذَا جَازَ أَنْ يُذَكَّرَ الشِّرَاءُ بِمَعْنَى الْبَيْعِ، يُقَال: شَرَيْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى بِعْتُهُ، قَال تَعَالَى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ} (٢) أَيْ: وَبَاعُوهُ؛

وَلأَِنَّ ثَمَنَ الشَّيْءِ قِيمَتُهُ، وَقِيمَةَ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ. وَلِهَذَا سُمِّيَ قِيمَةً لِقِيَامِهِ مَقَامَ غَيْرِهِ. وَالثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ صَاحِبِهِ، فَكَانَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا وَمَبِيعًا. دَل عَلَى أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ فِي اللُّغَةِ.

وَالْمَبِيعُ يَحْتَمِل التَّعَيُّنَ بِالتَّعْيِينِ فَكَذَا الثَّمَنُ، إِذْ هُوَ مَبِيعٌ.

وَلأَِنَّ الثَّمَنَ عِوَضٌ فِي عَقْدٍ، فَيَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَسَائِرِ الأَْعْوَاضِ. (٣)


(١) سورة البقرة / ٤١
(٢) سورة يوسف / ٢٠
(٣) بدائع الصنائع ٧ / ٣٢٢٤، والمغني لابن قدامة ٤ / ١٦٩، وبهامشة الشرح الكبير ص ١٧٥، (لأنه أحد العوضين، فيتعين بالتعيين كالآخر) . المهذب ١ / ٢٦٦