للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ بَاعَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْ أَخِيهِ شَيْئًا عَلاَمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَال أَخِيهِ؟ (١) .

وَمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: أَمَرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ (٢) . فَعُمْدَةُ مَنْ أَجَازَ الْجَوَائِحَ حَدِيثَا جَابِرٍ هَذَانِ، وَقِيَاسُ الشَّبَهِ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ مَبِيعٌ بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، بِدَلِيل مَا عَلَيْهِ مِنْ سَقْيِهِ إِلَى أَنْ يَكْمُل، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ضَمَانُهُ مِنْهُ أَصْلُهُ سَائِرُ الْمَبِيعَاتِ الَّتِي بَقِيَ فِيهَا حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَالْفَرْقُ عِنْدَهُمْ بَيْنَ هَذَا الْمَبِيعِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْبُيُوعِ أَنَّ هَذَا بَيْعٌ وَقَعَ فِي الشَّرْعِ، وَالْمَبِيعُ لَمْ يَكْمُل بَعْدُ، فَكَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي ضَمَانِهِ مُخَالِفًا لِسَائِرِ الْمَبِيعَاتِ.

الْقَوْل الثَّانِي: عَدَمُ وَضْعِ الْجَائِحَةِ مُطْلَقًا: وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ. وَاسْتَدَلُّوا بِتَشْبِيهِ هَذَا الْبَيْعِ بِسَائِرِ الْمَبِيعَاتِ، وَأَنَّ التَّخْلِيَةَ فِي هَذَا الْمَبِيعِ هُوَ الْقَبْضُ. وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعَاتِ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنَ الْمُشْتَرِي، وَمِنْ طَرِيقِ السَّمَاعِ أَيْضًا حَدِيثُ


(١) حديث: " من باع ثمرا فأصابته جائحة فلا يأخذ من مال أخيه شيئا، علام يأخذ أحدكم مال أخيه المسلم ". أخرجه ابن ماجه (٢ / ٧٢٧ - ط الحلبي) والحاكم (٢ / ٣٦ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث جابر بن عبد الله واللفظ لابن ماجه وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٢) تقدم تخرجه (ف ٦) .