للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقِيل: يُسْتَحَبُّ النَّزْحُ بِحَسَبِ كِبَرِ الدَّابَّةِ وَصِغَرِهَا، وَكَثْرَةِ مَاءِ الْبِئْرِ وَقِلَّتِهِ.

وَعَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ: أَنَّ الآْبَارَ الصِّغَارَ مِثْل آبَارِ الدُّورِ، تَفْسُدُ بِمَا وَقَعَ فِيهَا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فِيهَا، مِنْ شَاةٍ أَوْ دَجَاجَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَلاَ تَفْسُدُ بِمَا وَقَعَ فِيهَا مَيِّتًا حَتَّى تَتَغَيَّرَ. وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِيهَا مَيِّتًا فَقِيل: إِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا مَاتَ فِيهِ، وَقِيل: لاَ تَفْسُدُ حَتَّى تَتَغَيَّرَ. وَقَالُوا: إِذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا بِتَفَسُّخِ الْحَيَوَانِ فِيهِ تَنَجَّسَ. (١)

١٧ - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَانَ مَاءُ الْبِئْرِ كَثِيرًا طَاهِرًا، وَتَفَتَّتَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، كَفَأْرَةٍ تَمَعَّطَ شَعْرُهَا بِحَيْثُ لاَ يَخْلُو دَلْوٌ مِنْ شَعْرَةٍ، فَهُوَ طَهُورٌ كَمَا كَانَ إِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ. وَعَلَى الْقَوْل بِأَنَّ الشَّعْرَ نَجِسٌ يُنْزَحُ الْمَاءُ كُلُّهُ لِيَذْهَبَ الشَّعْرُ، مَعَ مُلاَحَظَةِ أَنَّ الْيَسِيرَ عُرْفًا مِنَ الشَّعْرِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ مَا عَدَا شَعْرَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ.

وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَاءَ الْبِئْرِ إِذَا كَانَ قَلِيلاً فَإِنَّهُ يَتَنَجَّسُ وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَاجِشُونَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فِي الآْبَارِ الصِّغَارِ إِذَا مَاتَ فِيهَا حَيَوَانٌ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ. (٢)

١٨ - وَيَقُول الْحَنَابِلَةُ: إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ أَوِ الْهِرَّةُ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ، ثُمَّ خَرَجَتْ حَيَّةً، فَهُوَ طَاهِرٌ، لأَِنَّ الأَْصْل الطَّهَارَةُ. وَإِصَابَةُ الْمَاءِ لِمَوْضِعِ النَّجَاسَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ. وَكُل حَيَوَانٍ حُكْمُ جِلْدِهِ وَشَعْرِهِ وَعَرَقِهِ وَدَمْعِهِ وَلُعَابِهِ حُكْمُ سُؤْرِهِ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ.


(١) بلغة السالك ١ / ١٧ ط سنة ١٣٧٢ هـ، وحاشية الرهوني ١ / ٥٧ - ٥٩ ط بولاق.
(٢) أسنى المطالب ١ / ١٣ - ١٥، والمجموع ١ / ١٤٨ - ١٤٩ ط إدارة الطباعة المنيرية، والوجيز ١ / ٨