للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَصَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْهُمْ، أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ عَلِيلاً لاَ يُمْكِنُ غَسْلُهُ لَوْ كَانَ ظَاهِرًا وَجَبَ التَّيَمُّمُ كَالْجَرِيحِ، وَإِنْ أَمْكَنَ غَسْلُهُ لَمْ يَجِبِ التَّيَمُّمُ كَلاَبِسِ الْخُفِّ، وَالْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ، قَال فِي الْمُهَذَّبِ: لِحَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً أَصَابَهُ حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَل أَصْحَابَهُ هَل تَجِدُونَ رُخْصَةً لِي فِي التَّيَمُّمِ؟ قَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَل فَمَاتَ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ (١) .

وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ وُجُوبَ التَّيَمُّمِ مَعَ الْغَسْل وَالْمَسْحِ فِي حَالَتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: فِيمَا لَوْ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَخَافَ مِنْ نَزْعِهَا عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ تَقَدُّمَ الطَّهَارَةِ شَرْطُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ وَاضِعَ الْجَبِيرَةِ إِذَا جَاوَزَ بِهَا مَوْضِعَ الْحَاجَةِ فَإِنَّهُ يَغْسِل الصَّحِيحَ وَيَمْسَحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَيَتَيَمَّمُ لِمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ. جَاءَ ذَلِكَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ وَشَرْحِ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ خِلاَفًا. إِلاَّ أَنَّ ابْنَ قُدَامَةَ جَعَلَهُ احْتِمَالاً فَقَال: وَيُحْتَمَل أَنْ يَتَيَمَّمَ مَعَ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ فِيمَا إِذَا تَجَاوَزَ بِهَا مَوْضِعَ الْحَاجَةِ؛ لأَِنَّ مَا


(١) حديث " إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب ". تقدم تخريجه ف / ٤.