للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيَانُهُ: أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا قُتِل انْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ الإِْيمَانِ، وَبَابُ مَقَامِ سَعَادَةِ الإِْيمَانِ، وَتَحَتَّمَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ وَالْخُلُودُ فِي النَّارِ، وَغَضَبُ الدَّيَّانِ، فَشَرَعَ اللَّهُ الْجِزْيَةَ رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ فِي مُسْتَقْبَل الأَْزْمَانِ، لاَ سِيَّمَا بِاطِّلاَعِهِ عَلَى مَحَاسِنِ الإِْسْلاَمِ (١) ".

وَتَظْهَرُ هَذِهِ الْحِكْمَةُ فِي تَشْرِيعِ الْجِزْيَةِ مِنْ جَانِبَيْنِ:

الأَْوَّل: الصَّغَارُ الَّذِي يَلْحَقُ أَهْل الذِّمَّةِ عِنْدَ دَفْعِ الْجِزْيَةِ.

وَقَال إِلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ: " فَكَمَا يَقْتَرِنُ بِالزَّكَاةِ الْمَدْحُ وَالإِْعْظَامُ وَالدُّعَاءُ لَهُ، فَيَقْتَرِنُ بِالْجِزْيَةِ الذُّل وَالذَّمُّ، وَمَتَى أُخِذَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى أَنْ لاَ يَثْبُتُوا عَلَى الْكُفْرِ لِمَا يَتَدَاخَلُهُمْ مِنَ الأَْنَفَةِ وَالْعَارِ، وَمَا كَانَ أَقْرَب إِلَى الإِْقْلاَعِ عَنِ الْكُفْرِ فَهُوَ أَصْلَحُ فِي الْحِكْمَةِ وَأَوْلَى بِوَضْعِ الشَّرْعِ (٢) .

وَالثَّانِي: مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى دَفْعِ الْجِزْيَةِ مِنْ إِقَامَةٍ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ وَاطِّلاَعٍ عَلَى مَحَاسِنِهِ.

وَقَال الْحَطَّابُ - فِي بَيَانِ الْحِكْمَةِ -: الْحِكْمَةُ فِي وَضْعِ الْجِزْيَةِ أَنَّ الذُّل الَّذِي يَلْحَقُهُمْ يَحْمِلُهُمْ


(١) الفروق للقرافي ٣ / ٢٣.
(٢) أحكام القرآن لألكيا الهراس ٤ / ٤٣ - مطبعة حسان بالقاهرة ط ١، وشرح الموطأ ٣ / ١٣٨، ونهاية المحتاج ٨ / ٨٠، وحاشية البجيرمي ٤ / ٢٦٨، مغني المحتاج ٤ / ٢٤٢، نيل الأوطار ٨ / ٦٥.