للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ عَلاَمَاتِ الْبُلُوغِ، فَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ يَدُل عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ لاَ تَجِبُ عَلَى الصِّبْيَانِ.

وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى أُمَرَاءِ الأَْجْنَادِ أَنْ يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ وَلاَ يَضْرِبُوهَا عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَلاَ يَضْرِبُوهَا إِلاَّ عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى (١) .

قَال أَبُو عُبَيْدٍ: فِي مَعْنَى " مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى ": يَعْنِي مَنْ أَنْبَتَ، وَقَال فِي وَجْهِ الاِسْتِدْلاَل بِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ هُوَ الأَْصْل فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَمَنْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَهَا عَلَى الذُّكُورِ الْمُدْرِكِينَ دُونَ الإِْنَاثِ وَالأَْطْفَال، وَذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ كَانَ عَلَيْهِمُ الْقَتْل لَوْ لَمْ يُؤَدُّوهَا، وَأَسْقَطَهَا عَمَّنْ لاَ يَسْتَحِقُّ الْقَتْل وَهُمُ الذُّرِّيَّةُ (٢) .

وَقَدْ مَضَتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنْ لاَ جِزْيَةَ عَلَى الصِّبْيَانِ، وَعَمِل بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ (٣) .

فَقَدْ صَالَحَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَهْل بُصْرَى عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا عَنْ كُل حَالِمٍ دِينَارًا وَجَرِيبَ حِنْطَةٍ، وَصَالَحَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَهْل أَنْطَاكِيَةَ عَلَى الْجِزْيَةِ أَوِ الْجَلاَءِ، فَجَلاَ بَعْضُهُمْ وَأَقَامَ بَعْضُهُمْ، فَأَمَّنَهُمْ وَوَضَعَ عَلَى كُل حَالِمٍ مِنْهُمْ دِينَارًا وَجَرِيبًا.


(١) الأموال لأبي عبيد ص ٥١، الأموال لابن زنجويه ١ / ١٥١، وقال المحقق الدكتور شاكر فياض: إسناد ابن زنجويه صحيح رجاله ثقات.
(٢) الأموال لأبي عبيد ص ٥١ - ٥٣.
(٣) الأموال لأبي عبيد ص ٥٤.