للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَمَنْ يُمْكِنُهُ أَدَاؤُهُ مِنَ الْمُحْتَرِفِينَ، وَلِذَلِكَ لاَ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْل الْقِتَال: كَالأَْعْمَى وَالزَّمِنِ وَالْمَفْلُوجِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ الْفَانِي: سَوَاءٌ أَكَانَ مُوسِرًا أَمْ غَيْرَ مُوسِرٍ؛ وَلأَِنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِمَّنْ أُبِيحَ قَتْلُهُ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ، وَهَؤُلاَءِ لاَ يُقْتَلُونَ (١) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنَ الزَّمْنَى وَالْعُمْيَانِ وَالشُّيُوخِ الْكِبَارِ إِذَا كَانَ لَهُمْ مَالٌ (٢) . وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِأَنَّ هَؤُلاَءِ الْمُصَابِينَ بِالْعَاهَاتِ الْمُزْمِنَةِ أَهْلٌ لِلْقِتَال، إِذْ إِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ إِذَا كَانُوا ذَوِي رَأْيٍ فِي الْحَرْبِ وَالْقِتَال، فَتَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ، كَمَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِهِمْ.

وَلأَِنَّ الْجِزْيَةَ تَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمِل، وَوُجُودُ الْمَال عِنْدَ هَؤُلاَءِ الْمُصَابِينَ أَكْثَرُ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَمَل، فَتَجِبُ عَلَيْهِمِ الْجِزْيَةُ إِذَا كَانُوا


(١) البدائع ٩ / ٤٣٣١، فتح القدير ٥ / ٢٩٣، حاشية ابن عابدين ٤ / ٢٠١، مجمع الأنهر ١ / ٦٧١، الاختيار ٤ / ١٣٨، أحكام أهل الذمة لابن القيم ١ / ٤٩، كشاف القناع ٣ / ١٢٠، الإنصاف ٤ / ٢٢٢، مغني المحتاج ٤ / ٢٤٦، وأحكام القرآن للجصاص ٣ / ٩٦.
(٢) الكافي لابن عبد البر ١ / ٤٧٩، حاشية الزرقاني على مختصر خليل ٢ / ١٤١، الشرح الكبير على هامش حاشية الدسوقي ٢ / ٢٠١، منح الجليل ١ / ٧٥٧، بلغة السالك ١ / ٣٦٧، الخراج لأبي يوسف ص ١٢٣، الهداية ٢ / ١٦٠، فتح القدير ٥ / ٢٩٣، الاختيار ٤ / ١٣٨.