للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٥١ - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ وُجُوبِ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ:

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِ الأَْدَاءِ آخِرُ الْحَوْل (١) . وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِمَا وَقَعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجِزْيَةِ، فَقَدْ ضَرَبَهَا عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ وَالْمَجُوسِ بَعْدَ نُزُول آيَةِ الْجِزْيَةِ، وَلَمْ يُطَالِبْهُمْ بِأَدَائِهَا فِي الْحَال، بَل كَانَ يَبْعَثُ رُسُلَهُ وَسُعَاتَهُ فِي آخِرِ الْحَوْل لِجِبَايَتِهَا.

رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الأَْنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالَحَ أَهْل الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ (٢) .

وَتَدُل سِيرَةُ الْخُلَفَاءِ وَالأُْمَرَاءِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَبْعَثُونَ الْجُبَاةَ فِي آخِرِ الْعَامِ لِجِبَايَةِ


(١) بداية المجتهد ١ / ٤٠٥، المقدمات لابن رشد ١ / ٣٩٧، المنتقى ٢ / ١٧٦، حاشية الخرشي ٣ / ١٤٥، منح الجليل ١ / ٧٥٨، المهذب مع المجموع ١٨ / ٢١٨، رحمة الأمة ٢ / ١٨١، الميزان ٢ / ١٨٥، الإفصاح ٢ / ٢٩٤، المغني ٨ / ٥٠٤، المبدع ٣ / ٤١٠، المذهب الأحمد ص ٢١٠، أحكام أهل الذمة لابن القيم ١ / ٣٩، كشاف القناع ٣ / ١٢١، الإنصاف ٤ / ٢٢٩.
(٢) حديث: " بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين. . . . " أخرجه البخاري (٦ / ٢٥٧ - ٢٥٨ ط السلفية) من حديث عمر بن عوف.