للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (١) وَالشَّافِعِيَّةُ (٢) وَالْحَنَابِلَةُ (٣) إِلَى أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ، كَالْمَعْذُورِ، وَعَلَيْهِ إِثْمُ مَا فَعَلَهُ. وَاسْتَدَلُّوا بِالآْيَةِ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (٤) إِلَى أَنَّ الْعَامِدَ لاَ يَتَخَيَّرُ، بَل يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ عَيْنًا أَوِ الصَّدَقَةُ عَيْنًا، حَسَبَ جِنَايَتِهِ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالأَْدِلَّةِ السَّابِقَةِ.

وَجْهُ الاِسْتِدْلاَل: أَنَّ التَّخْيِيرَ شُرِعَ فِيهَا عِنْدَ الْعُذْرِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ أَذًى، وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ جِنَايَتُهُ أَغْلَظُ، فَتَتَغَلَّظُ عُقُوبَتُهُ، وَذَلِكَ بِنَفْيِ التَّخْيِيرِ فِي حَقِّهِ.

١٥٠ - وَأَمَّا الْمَعْذُورُ بِغَيْرِ الأَْذَى وَالْمَرَضِ: كَالنَّاسِي وَالْجَاهِل بِالْحُكْمِ وَالْمُكْرَهِ وَالنَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَحُكْمُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (٥) الْمَالِكِيَّةِ (٦) حُكْمُ الْعَامِدِ، عَلَى مَا سَبَقَ.

وَوَجْهُ حُكْمِهِ هَذَا: أَنَّ الاِرْتِفَاقَ حَصَل لَهُ، وَعَدَمُ الاِخْتِيَارِ أَسْقَطَ الإِْثْمَ عَنْهُ، كَمَا وَجَّهَهُ الْحَنَفِيَّةُ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (٧) وَالْحَنَابِلَةُ (٨) إِلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ جِنَايَةٍ


(١) شرح الزرقاني ٢ / ٣٠٥، والشرح الكبير وحاشته ٢ / ٦٧. وفيه أن المحذور يفدى ولا يأثم، فدل على أن غير المعذور يفدي ويأثم.
(٢) المجموع ٧ / ٣٧١، ونهاية المحتاج ٢ / ٤٥٢ - ٤٥٦
(٣) المغني ٣ / ٤٩٣، والمقنع ١ / ٤١٦
(٤) المسلك المتقسط ص ١١٩، ٢٠٠، ٢٢٣، والدر المختار بحاشيته ٢ / ٢٧٤، ٢٧٥
(٥) المسلك المتقسط ص ١١٩، ٢٠٠، ٢٢٣، والدر المختار بحاشيته ٢ / ٢٧٤، ٢٧٥
(٦) كما تفيده إطلاقات عباراتهم في لزوم الفدية على المعذور، وإنما ينتفي عنه الإثم. انظر شرح الزرقاني ٢ / ٣٠٥، وشرح الرسالة بحاشية العدوي ١ / ٤٨٨، والشرح الكبير بحاشيته ٢ / ٦٧، وحاشية الصفتي على العشماوية ص ١٩٣
(٧) المجموع ٧ / ٣٤٧ - ٣٤٩، ونهاية المحتاج ٢ / ٤٥٢، ٤٥٤
(٨) المغني ٣ / ٥٠١ - ٥٠٢، والكافي ١ / ٥٦١ - ٥٦٢، والمقنع بحاشيته ١ / ٤٢٤، ٤٢٥، ومطالب أولي النهى ٢ / ٣٦٢، ٣٦٣