للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا قَمْل شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ خَاصَّةً فَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا تَعَرُّضُهُ لَهُ لِئَلاَّ يَنْتَتِفَ الشَّعْرُ. وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمُ الْكَرَاهَةَ بِالْخَوْفِ مِنَ انْتِتَافِ الشَّعْرِ زَوَال هَذِهِ الْكَرَاهَةِ فِيمَا لَوْ قَتَلَهُ بِوَسِيلَةٍ لاَ يَخْشَى مَعَهَا الاِنْتِتَافَ كَمَا إِذَا رَشَّهُ بِدَوَاءٍ مُطَهِّرٍ مَثَلاً. وَعَلَى أَيَّةِ حَالٍ فَإِذَا قَتَل قَمْل شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَفْدِيَ الْوَاحِدَةَ مِنْهُ وَلَوْ بِلُقْمَةٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ إِبَاحَةُ قَتْل الْقَمْل مُطْلَقًا دُونَ تَفْرِيقٍ بَيْنَ قَمْل الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ لأَِنَّهُ مِنْ أَكْثَرِ الْهَوَامِّ أَذًى فَأُبِيحَ قَتْلُهُ كَالْبَرَاغِيثِ، وَسَائِرِ مَا يُؤْذِي. وَقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِل وَالْحَرَمِ يَدُل بِمَعْنَاهُ عَلَى إِبَاحَةِ قَتْل كُل مَا يُؤْذِي بَنِي آدَمَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ حُرْمَةُ قَتْلِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ جَزَاءَ فِيهِ إِذْ لاَ قِيمَةَ لَهُ وَلَيْسَ بِصَيْدٍ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ الصَّدَقَةِ (١) وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ إِذَا آذَاهُ بِالْفِعْل، وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ إِلاَّ بِقَتْلِهِ، جَازَ لَهُ قَتْلُهُ طِبْقًا لِقَاعِدَةِ: " الضَّرَرُ يُزَال "، وَقَاعِدَةِ: " الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ ".


(١) شرح الروض ١ / ٥١٤، والمجموع ٧ / ٣٢٣، ٣٢٤، ونهاية المحتاج ٣ / ٣٣٣، والجمل ٢ / ٥٢٢، ومطالب أولي النهى ٢ / ٣٤٣، وكشاف القناع ٢ / ٣٤٩ ط الرياض، والشرح مع المغني ٣ / ٣٠٤، والمغني ٣ / ٢٩٨ ط الرياض. والمسلك المتقسط ص ٢٥٢، وفتح القدير ٢ / ٢٦٨، ورد المحتار ٢ / ٢١٨، وحاشية العدوي ١ / ٤٨٧، والزرقاني ٢ / ٣٠٢، ٣٠٣ والدسوقي ٢ / ٦٤