للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال ابْنُ جُزَيٍّ: وَفِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجُلُوسَ الأَْخِيرَ وَاجِبٌ، وَالأَْصَحُّ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْهُ مِقْدَارُ السَّلاَمِ (١) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْجُلُوسَ فِي الْقَعْدَةِ الأَْخِيرَةِ رُكْنٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عُمَرُ وَابْنُهُ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَالْحَسَنُ.

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُنَّةٌ (٢) .

وَأَمَّا هَيْئَةُ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ فَالاِفْتِرَاشُ لِلرَّجُل، وَالتَّوَرُّكُ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْقَعْدَةِ الأُْولَى أَمِ الأَْخِيرَةِ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هَيْئَةُ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الأَْخِيرِ التَّوَرُّكُ. وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ يَتَعَيَّنُ لِلْقُعُودِ هَيْئَةٌ لِلإِْجْزَاءِ، فَكَيْفَمَا قَعَدَ فِي جَلَسَاتِهِ أَجْزَأَهُ، لَكِنَّ السُّنَّةَ فِي جُلُوسِ آخِرِ الصَّلاَةِ التَّوَرُّكُ وَفِي أَثْنَائِهَا الاِفْتِرَاشُ.

وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ هَيْئَةَ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الأَْوَّل بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل هِيَ الاِفْتِرَاشُ، وَفِي الثَّانِي التَّوَرُّكُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَجْلِسَ مُتَرَبِّعَةً، لأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ أَنْ يَتَرَبَّعْنَ فِي الصَّلاَةِ، أَوْ أَنْ تَسْدُل رِجْلَيْهَا فَتَجْعَلَهُمَا فِي جَانِبِ يَمِينِهَا، وَالْمَنْصُوصُ


(١) القوانين الفقهية لابن جزي / ٦٩، وجواهر الإكليل ١ / ٤٨، وحاشية الدسوقي ١ / ٢٤٩.
(٢) نهاية المحتاج ١ / ٥٢٠، ٥٢١، والمغني ١ / ٥٣٢، ٥٣٣، ٥٣٩، والإنصاف ٢ / ١١٣.