للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَفْصِل بَيْنَ الْخُصُومِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَال: إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ وَلِلْحُكْمِ (١) وَلِئَلاَّ يَشْتَبِهَ عَلَى الْغُرَبَاءِ مَكَانُهُ. وَكَذَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَهُ دَكَّةٌ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ.

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ إِذَا جَلَسَ لِلْقَضَاءِ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ يَجْلِسُ بِغَيْرِ يَوْمِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، وَيُكْرَهُ جُلُوسُهُ يَوْمَ عِيدٍ؛ لأَِنَّهُ يَوْمُ فَرَحٍ وَسُرُورٍ، وَمُصَافَاةٍ لاَ يَوْمُ مُخَاصَمَةٍ. وَبِغَيْرِ يَوْمِ قُدُومِ الْحَاجِّ وَخُرُوجِهِ؛ لاِشْتِغَال النَّاسِ فِيهِ بِتَهْنِئَةِ الْقَادِمِينَ، أَوْ وَدَاعِ الْخَارِجِينَ، وَبِغَيْرِ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ. وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْلِسُ بِرِحَابِ الْمَسْجِدِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ وَاسْتَحْسَنَ صَاحِبُ جَوَاهِرِ الإِْكْلِيل هَذَا، مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ رَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ (٢) .


(١) حديث: " إنما بنيت المساجد لذكر الله وللحكم " قال الزيلعي في نصب الراية (٤ / ٧٠ - ط دائرة المعارف العثمانية) : " غريب بهذا اللفظ، وأخرجه مسلم، ليس فيه الحكم " انتهى. وبدون هذه الزيادة هو في صحيح مسلم (١ / ٢٣٧ - ط الحلبي) من حديث أنس.
(٢) ابن عابدين ٤ / ٣١٠، والاختيار ٢ / ٨٥، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٢٣، ٢٢٤، والمغني ٩ / ٤٤، ٤٥، ٤٦ وحديث: " جنبوا مساجدكم. . . . " أخرجه ابن ماجه (١ / ٢٤٧ - ط الحلبي) من حديث واثلة بن الأسقع مطولا، وقال البوصيري: " إسناده ضعيف ".