للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صِحَّةِ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ فَرْضٌ عَلَى الرِّجَال الْقَادِرِينَ عَلَيْهَا بِشُرُوطٍ تُفَصَّل فِي مَوْضِعِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي شَرْطِيَّتِهَا لِصِحَّةِ صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ. أَمَّا فِي سَائِرِ الْفُرُوضِ، فَالْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ بِأَفْضَلِيَّةِ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ عَنْ صَلاَةِ الْفَذِّ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى اللَّذَيْنِ قَالاَ: صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لأََنْكَرَ عَلَيْهِمَا.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ، فَيَأْثَمُ تَارِكُهَا بِلاَ عُذْرٍ وَيُعَزَّرُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ. وَقِيل: إِنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْبَلَدِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ الشِّعَارُ فِي الْقَرْيَةِ فَيُقَاتَل أَهْلُهَا إِذَا تَرَكُوهَا (١) .

وَيَسْتَدِلُّونَ لِلْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} (٢) فَأَمَرَ بِالْجَمَاعَةِ حَال الْخَوْفِ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى، وَبِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ


(١) ابن عابدين ١ / ٣٧١، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص ٣٨٨، وحاشية الدسوقي ١ / ٣١٩، ٣٩٦، وحاشية القليوبي ١ / ٣٢١، ومغني المحتاج ١ / ٣١٠، وكشاف القناع ١ / ٤٥٤، والمغني لابن قدامة ٢ / ١٧٦، والإنصاف ٢ / ٤٢٢.
(٢) سورة النساء / ١٠٢.