للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّفْسِ شِبْهُ عَمْدٍ، فَمَا كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ فِي النَّفْسِ فَهُوَ عَمْدٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ؛ لأَِنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ لاَ يُقْصَدُ إِتْلاَفُهُ بِآلَةٍ دُونَ آلَةٍ عَادَةً فَاسْتَوَتِ الآْلاَتُ كُلُّهَا فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى الْقَصْدِ، فَكَانَ الْفِعْل عَمْدًا مَحْضًا.

وَيَشْتَرِطُ الْمَالِكِيَّةُ لِلْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ نَاتِجًا عَنْ قَصْدِ الضَّرْبِ عَدَاوَةً، فَالْجُرْحُ النَّاتِجُ عَنِ اللَّعِبِ، أَوِ الأَْدَبِ لاَ قِصَاصَ فِيهِ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَتْل أَنْ يَكُونَ عَمْدًا مَحْضًا، يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الطَّرَفِ أَيْضًا، فَلاَ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِالْجِرَاحَاتِ وَإِبَانَةِ الأَْطْرَافِ إِذَا كَانَتْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَمِنْ صُوَرِ شِبْهِ الْعَمْدِ أَنْ يَضْرِبَ رَأْسَهُ بِلَطْمَةٍ أَوْ حَجَرٍ لاَ يَشُجُّ غَالِبًا لِصِغَرِهِ، فَيَتَوَرَّمُ الْمَوْضِعُ وَيَتَّضِحُ الْعَظْمُ (١) .

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ لاَ يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ بِمَا لاَ يُفْضِي إِلَى ذَلِكَ غَالِبًا، مِثْل أَنْ يَضْرِبَهُ بِحَصَاةٍ لاَ تُوضِحُ مِثْلُهَا، فَلاَ يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لأَِنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ (٢) .


(١) البدائع ٧ / ٢٣٣ ط دار الكتاب العربي، وشرح الزرقاني ٨ / ١٤ ط دار الفكر، والشرح الصغير ٤ / ٣٤٧، والقوانين الفقهية ص ٣٤٤، وروضة الطالبين ٩ / ١٧٨، وكشاف القناع ٥ / ٥٤٧.
(٢) المغني ٧ / ٧٠٣، وكشاف القناع ٥ / ٥٤٧.