للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شُهُودَ كُلِّهِ لَوَقَعَ الصَّوْمُ بَعْدَ رَمَضَانَ، وَأَنَّهُ خِلاَفُ الإِْجْمَاعِ. قَال فِي شَرْحِ كَشْفِ الأَْسْرَارِ: ذَكَرَ فِي الْكَامِل نَقْلاً عَنْ شَمْسِ الأَْئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ، إِنَّهُ إِنْ كَانَ مُفِيقًا فِي أَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَأَصْبَحَ مَجْنُونًا، وَاسْتَوْعَبَ الْجُنُونُ بَاقِيَ الشَّهْرِ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لأَِنَّ اللَّيْل لاَ يُصَامُ فِيهِ، فَكَانَ الْجُنُونُ وَالإِْفَاقَةُ فِيهِ سَوَاءً، وَكَذَا لَوْ أَفَاقَ فِي لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ ثُمَّ أَصْبَحَ مَجْنُونًا.

وَفَرَّقَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي حُكْمِ الْجُنُونِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ أَصْلِيًّا وَمَا إِذَا كَانَ عَارِضًا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي الشُّرُنْبُلاَلِيَّةِ: لَيْسَ عَلَى الْمَجْنُونِ الأَْصْلِيِّ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنَ الأَْيَّامِ قَبْل إِفَاقَتِهِ فِي الأَْصَحِّ.

وَخُلاَصَةُ الْقَوْل: أَنَّهُ إِذَا اسْتَوْعَبَ الْجُنُونُ الشَّهْرَ كُلَّهُ لاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ بِلاَ خِلاَفٍ مُطْلَقًا، وَإِلاَّ فَفِيهِ الْخِلاَفُ الْمَذْكُورُ. (١)

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْمَجْنُونَ لاَ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَلَكِنْ لاَ يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ، وَقِيل: لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا كَثُرَ مِنَ السِّنِينَ.

وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ عِنْدَهُمْ وَهُوَ: أَنَّهُ إِنْ بَلَغَ مَجْنُونًا لَمْ يَقْضِ بِخِلاَفِ مَنْ بَلَغَ صَحِيحًا ثُمَّ جُنَّ. (٢)


(١) الاختيار ١ / ١٣٥، وابن عابدين ٢ / ١٢٣، ١٢٤، وكشف الأسرار ٤ / ٢٦٧.
(٢) القوانين الفقهية ص ١١٨.