للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَهَذِهِ الأَْحَادِيثُ وَغَيْرُهَا تَتَضَافَرُ عَلَى بَيَانِ فَضْل الْجِهَادِ.

وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ: بِأَنَّ الْجِهَادَ فِي الْبَحْرِ أَفْضَل مِنَ الْجِهَادِ فِي الْبَرِّ، لِحَدِيثِ أُمِّ حَرَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ عِنْدَهَا، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيل اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الأَْسِرَّةِ أَوْ مِثْل الْمُلُوكِ عَلَى الأَْسِرَّةِ (١) .

وَلأَِنَّ الْبَحْرَ أَعْظَمُ خَطَرًا وَمَشَقَّةً، فَإِنَّهُ بَيْنَ الْعَدُوِّ، وَفِيهِ خَطَرُ الْغَرَقِ، وَلاَ يَتَمَكَّنُ مِنَ الْفِرَارِ إِلاَّ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَكَانَ أَفْضَل مِنْ غَيْرِهِ.

وَكَذَلِكَ الْقِتَال مَعَ أَهْل الْكِتَابِ أَفْضَل مِنْ قِتَال غَيْرِهِمْ؛ لأَِنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ عَنْ دِينٍ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أُمِّ خَلاَّدٍ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابْنُكَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ، قَالَتْ: وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: لأَِنَّهُ قَتَلَهُ أَهْل الْكِتَابِ (٢) .


(١) حديث: " ناس من أمتي عرضوا علي. . . . " أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ١٠ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٥١٨ - ط الحلبي) .
(٢) كشاف القناع ٣ / ٣٨، ٤٠، والإنصاف ٤ / ١١٩، ١٢٠، والمغني ٨ / ٣٤٠، ٣٥٠. وحديث: " إن ابنك له أجر شهيدين. . . " أخرجه أبو داود (٣ / ١٣ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث قيس بن شماس. وأعله المنذري بضعف راويين فيه، كما في مختصره لأبي داود (٣ / ٣٥٩ - نشر دار المعرفة) .