للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أ - إِذَا الْتَقَى الزَّحْفَانِ، وَتَقَابَل الصَّفَّانِ، حَرُمَ عَلَى مَنْ حَضَرَ الاِنْصِرَافُ، وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْمُقَامُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} . . . إِلَى قَوْلِهِ: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١) } .

ب - إِذَا هَجَمَ الْعَدُوُّ عَلَى قَوْمٍ بَغْتَةً، فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمُ الدَّفْعُ وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا، أَوْ هَجَمَ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى دَفْعِهِ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ كَانَ بِمَكَانٍ مُقَارِبٍ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ إِنْ عَجَزَ مَنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ عَنِ الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَمَحَل التَّعَيُّنِ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إِنْ لَمْ يَخْشَوْا عَلَى نِسَائِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ مِنْ عَدُوٍّ بِتَشَاغُلِهِمْ بِمُعَاوَنَةِ مَنْ فَجَأَهُمُ الْعَدُوُّ، وَإِلاَّ تَرَكُوا إِعَانَتَهُمْ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُعْتَبَرُ مَنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنَ الْبَلْدَةِ كَأَهْلِهَا، وَمَنْ عَلَى الْمَسَافَةِ يَلْزَمُهُ الْمُوَافَقَةُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إِنْ لَمْ يَكْفِ أَهْلُهَا، وَمَنْ يَلِيهِمْ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَفْجَأْهُمُ الْعَدُوُّ فَلاَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ، يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمُقِل مِنْهُمْ وَالْمُكْثِرُ. وَمَعْنَاهُ: أَنَّ النَّفِيرَ يَعُمُّ جَمِيعَ النَّاسِ مِمَّنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْقِتَال حِينَ الْحَاجَةِ لِمَجِيءِ الْعَدُوِّ إِلَيْهِمْ، وَلاَ يَجُوزُ لأَِحَدٍ التَّخَلُّفُ إِلاَّ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى تَخَلُّفِهِ لِحِفْظِ الْمَكَانِ وَالأَْهْل وَالْمَال، وَمَنْ يَمْنَعُهُ الأَْمِيرُ


(١) سورة الأنفال / ٤٥، ٤٦.