للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ نُقِل عَنْ مَالِكٍ كَرَاهِيَتُهُ الشَّدِيدَةُ لِلْقِتَال عَلَى جُعْلٍ.

وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَال لاَ يُكْرَهُ الْجُعْل لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ دَفْعُ الضَّرَرِ الأَْعْلَى - أَيْ تَعَدِّي شَرِّ الْكُفَّارِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ - بِالأَْدْنَى وَهُوَ الْجُعْل قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فَيُلْتَزَمُ الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ.

إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَشْتَرِطُونَ فِي جَوَازِ الْجُعْل أَنْ تَكُونَ الْخُرْجَةُ وَاحِدَةً، كَأَنْ يَقُول الْجَاعِل لِلْخَارِجِ عَنْهُ: أُجَاعِلُكَ بِكَذَا عَلَى أَنْ تَخْرُجَ بَدَلاً عَنِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ، أَمَّا لَوْ تَعَاقَدَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا حَصَل الْخُرُوجُ لِلْجِهَادِ خَرَجَ نَائِبًا عَنْهُ فَلاَ يَجُوزُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ، فَالْمُرَادُ بِالْخُرْجَةِ الْمَرَّةُ مِنَ الْخُرُوجِ.

وَكَذَلِكَ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْجِهَادِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ لَزِمَهُ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَخْذُ الْجُعْل. وَإِذَا قَال الْقَاعِدُ لِلْغَازِي، خُذْ هَذَا الْمَال لِتَغْزُوَ بِهِ عَنِّي لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى الْجِهَادِ، بِخِلاَفِ قَوْلِهِ: فَاغْزُ بِهِ (١) .

وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لاَ يُجَاهِدُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ بِعِوَضٍ، أَوْ غَيْرِ عِوَضٍ؛ لأَِنَّهُ إِذَا حَضَرَ الْقِتَال تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفَرْضُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَلاَ يُؤَدِّيهِ عَنْ غَيْرِهِ.

وَلاَ يَصِحُّ مِنَ الإِْمَامِ أَوْ غَيْرِهِ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ


(١) ابن عابدين ٣ / ٢٢٢، والمدونة ٣ / ٣١، ٤٤.