للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٣ - وَأَمَّا حِصَارُ الْقِلاَعِ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ حِصَارُ الْكُفَّارِ فِي الْبِلاَدِ وَالْقِلاَعِ، وَإِرْسَال الْمَاءِ عَلَيْهِمْ، وَقَطْعُهُ عَنْهُمْ، وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ وَغَيْرِهِمَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ (١) } وَلأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاصَرَ أَهْل الطَّائِفِ، وَرَمَاهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ (٢) . وَقِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَعُمُّ بِهِ الْهَلاَكُ، وَوَافَقَ أَحْمَدُ الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ فِي جَوَازِ رَمْيِهِمْ بِالْمَنْجَنِيقِ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا (٣) ،

وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ الْقَوْل فَقَالُوا: يُقَاتِل الْعَدُوَّ بِالْحِصْنِ بِغَيْرِ تَحْرِيقٍ وَتَغْرِيقٍ إِذَا كَانُوا مَعَ مُسْلِمِينَ، أَوْ ذُرِّيَّةٍ أَوْ نِسَاءٍ، وَلَمْ يَخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَيُرْمَوْنَ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَلَوْ مَعَ ذُرِّيَّةٍ، أَوْ نِسَاءٍ، أَوْ مُسْلِمِينَ (٤) .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ الْغَرَقِ لَمْ يَجُزْ إِذَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ إِتْلاَفُ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ الَّذِينَ يَحْرُمُ إِتْلاَفُهُمْ قَصْدًا، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ إِلاَّ بِهِ جَازَ (٥) .


(١) سورة التوبة / ٥.
(٢) حديث: " حاصر أهل الطائف ورماهم بالمنجنيق. . . " ذكره ابن إسحاق في المغازي كما في السيرة لابن كثير (٣ / ٦٥٨ - نشر دار إحياء التراث العربي) .
(٣) ابن عابدين ٣ / ٢٢٣، وفتح القدير ٥ / ١٩٧، ونهاية المحتاج ٨ / ٦٤، ومغني المحتاج ٤ / ٢٢٣، والمغني ٨ / ٤٤٨، ٤٤٩.
(٤) حاشية الدسوقي ٢ / ١٧٧، وجواهر الإكليل ١ / ٢٥٣.
(٥) المغني ٨ / ٤٤٨.