للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِقَوْل الصِّدِّيقِ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يُوصِيهِ: وَلاَ تَعْقِرَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، وَلاَ دَابَّةً عَجْمَاءَ وَلاَ شَاةً إِلاَّ لِمَأْكَلَةٍ.

وَلأَِنَّهُ إِفْسَادٌ يَدْخُل فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْل وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ (١) } . وَيَجُوزُ عَقْرُ الْحَيَوَانَاتِ لِلأَْكْل إِنْ كَانَتِ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إِلَى ذَلِكَ، لأَِنَّ الْحَاجَةَ تُبِيحُ مَال الْمَعْصُومِ، فَمَال الْكَافِرِ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إِلَيْهِ نَظَرْنَا: فَإِنْ كَانَ الْحَيَوَانُ لاَ يُرَادُ إِلاَّ لِلأَْكْل كَالدَّجَاجِ، وَالْحَمَامِ، وَسَائِرِ الطَّيْرِ، وَالصَّيْدِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الطَّعَامِ، لأَِنَّهُ لاَ يُرَادُ لِغَيْرِ الأَْكْل، وَتَقِل قِيمَتُهُ، فَأَشْبَهَ الطَّعَامَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْقِتَال لَمْ يُبَحْ ذَبْحُهُ إِلاَّ لِلأَْكْل (٢) .

٣٦ - وَفِي تَغْرِيقِ النَّحْل وَتَحْرِيقِهِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَقْوَالٍ:

ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَعَامَّةُ أَهْل الْعِلْمِ مِنْهُمُ الأَْوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ، إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَغْرِيقُ النَّحْل وَتَحْرِيقُهُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يُوصِيهِ: وَلاَ تُحَرِّقْ نَحْلاً وَلاَ تُغْرِقَنَّهُ (٣) .


(١) سورة البقرة / ٢٠٥.
(٢) المغني ٨ / ٤٥١ وما بعدها.
(٣) المغني ٨ / ٤٥١.