للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١) } .

وَقَدْ عَدَّ رَسُول اللَّهِ الْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ مِنَ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ بِقَوْلِهِ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهَا: التَّوَلِّيَ يَوْمَ الزَّحْفِ (٢) .

ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيل ذَلِكَ:

٣٨ - فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الْفِرَارُ، وَيَجِبُ الثَّبَاتُ بِشَرْطَيْنِ

أَحَدُهُمَا:: أَنْ يَكُونَ الْكُفَّارُ لاَ يَزِيدُونَ عَلَى ضِعْفِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ زَادُوا عَلَيْهِ جَازَ الْفِرَارُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الآْنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٣) } .

وَالآْيَةُ وَإِنْ كَانَتْ بِلَفْظِ الْخَبَرِ فَهُوَ أَمْرٌ، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {الآْنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} وَلَوْ كَانَ خَبَرًا عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمْ يَكُنْ رَدُّنَا مِنْ غَلَبَةِ الْوَاحِدِ لِلْعَشَرَةِ إِلَى غَلَبَةَ الاِثْنَيْنِ تَخْفِيفًا؛ وَلأَِنَّ خَبَرَ اللَّهِ


(١) سورة الأنفال / ٤٥.
(٢) ابن عابدين ٣ / ٢٢٤، والبدائع ٧ / ٩٩، وحاشية الدسوقي ٢ / ١٧٨، والمهذب ٢ / ٣٢٢، ونهاية المحتاج ٢ / ٦٥، والمغني ٨ / ٤٨٤، وكشاف القناع ٣ / ٤٥، ٤٦. وحديث: " اجتنبوا السبع الموبقات. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ٣٩٣ - ط السلفية) ومسلم (١ / ٩٢ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(٣) سور الأنفال / ٦٦.