للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلأَِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الإِْخْلاَصِ (١) وَبِذَلِكَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ زَكَرِيَّا إِذْ قَال مُخْبِرًا عَنْهُ {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} (٢) وَالشَّرِيعَةُ مُقَرِّرَةٌ أَنَّ السِّرَّ فِيمَا لَمْ يَعْتَرِضْ مِنْ أَعْمَال الْبِرِّ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْجَهْرِ (٣) .

وَعَدَّ الْغَزَالِيُّ خَفْضَ الصَّوْتِ بَيْنَ الْمُخَافَتَةِ وَالْجَهْرِ مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ، وَاسْتَدَل بِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَْشْعَرِيَّ قَال: قَدِمْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ كَبَّرَ، وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ لَيْسَ بِأَصَمَّ وَلاَ غَائِبٍ إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَعْنَاقِ رِقَابِكُمْ (٤) وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَل {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} (٥) أَيْ بِدُعَائِكَ (٦) .


(١) كشاف القناع ١ / ٣٦٧، وروضة الطالبين ١ / ٢٦٨، وابن عابدين ٢ / ١٧٥.
(٢) سورة مريم / ٣.
(٣) تفسير القرطبي ٧ / ٢٢٣.
(٤) حديث: " إن الذي تدعون ليس بأصم. . . " تقدم تخريجه بهذا المعنى ف / ٢٧.
(٥) سورة الإسراء / ١١٠.
(٦) إحياء علوم الدين ١ / ٣١٣ ط مصطفى الحلبي. وأثر عائشة في تفسير قوله عز وجل " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " أخرجه البخاري (فتح الباري ٨ / ٤٠٥ ط السلفية) .