للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوُصُول إِلَيْهِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو مَرْيَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ (١) .

وَلأَِنَّ حَاجِبَ الْقَاضِي رُبَّمَا قَدَّمَ الْمُتَأَخِّرَ وَأَخَّرَ الْمُتَقَدِّمَ لِغَرَضٍ لَهُ، وَرُبَّمَا كَسَرَهُمْ بِحَجْبِهِمْ وَالاِسْتِئْذَانِ لَهُمْ، وَلاَ بَأْسَ عِنْدَهُمْ بِاتِّخَاذِ حَاجِبٍ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَفِي حَال الزَّحْمَةِ وَكَثْرَةِ النَّاسِ.

وَقَال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا يَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ إِذَا قَعَدَ لِلْقَضَاءِ لِيُقَدِّمَ الْخُصُومَ وَيُؤَخِّرَهُمْ، وَأَضَافَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْحَمَوِيُّ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَلاَ سِيَّمَا فِي زَمَنِنَا هَذَا، مَعَ فَسَادِ الْعَوَامِّ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لِلْحَاكِمِ حَاجِبٌ رَتَّبَ الْخُصُومَ، وَقَدَّمَ مَنْ حَضَرَ أَوَّلاً عَلَى مَنْ تَأَخَّرَ، وَمَنَعَهُمْ مِنَ الْمُخَاصَمَةِ عَلَى التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، وَزَجَرَ الظَّالِمَ مِنْهُمْ، وَأَخَذَ بِيَدِ الْمَظْلُومِ، وَفِيهِ أُبَّهَةٌ عَظِيمَةٌ لِلْحَاكِمِ. . . وَكَلاَمُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا - مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا قَصَدَ بِالْحَاجِبِ


(١) حديث: " من ولاه الله عز وجل شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره " أخرجه أبو داود (٣ / ٣٥٧ - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (٤ / ٩٤ - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.