للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْحَاجَةُ إِذَا عَمَّتْ كَانَتْ كَالضَّرُورَةِ، فَتَغْلِبُ فِيهَا الضَّرُورَةُ الْحَقِيقِيَّةُ.

وَمِنْهَا مَشْرُوعِيَّةُ الإِْجَارَةِ مَعَ أَنَّهَا وَرَدَتْ عَلَى مَنَافِعَ مَعْدُومَةٍ، يَعْنِي أَنَّ الشَّرْعَ كَمَا اعْتَنَى بِدَفْعِ ضَرُورَةِ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ فَكَيْفَ لاَ يَعْتَنِي بِهِ مَعَ حَاجَةِ الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ مُنِعَتِ الْجَمَاعَةُ مِمَّا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ لَنَال آحَادَ الْجَمَاعَةِ ضَرُورَةٌ تَزِيدُ عَلَى ضَرُورَةِ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ، فَهِيَ بِالرِّعَايَةِ أَوْلَى.

وَمِنْهَا ضَمَانُ الدَّرْكِ جُوِّزَ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ؛ إِذِ الْبَائِعُ إِذَا بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ لَيْسَ مَا أَخَذَهُ مِنَ الثَّمَنِ دَيْنًا عَلَيْهِ حَتَّى يَضْمَنَ، وَلَكِنْ جُوِّزَ لاِحْتِيَاجِ النَّاسِ إِلَى مُعَامَلَةِ مَنْ لاَ يَعْرِفُونَهُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ خُرُوجُ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا.

وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الْعِلْجِ (الْكَافِرِ) الَّذِي يَدُل عَلَى قَلْعَةِ الْكُفَّارِ بِجَارِيَةٍ مِنْهَا يَصِحُّ لِلْحَاجَةِ، مَعَ أَنَّ الْجُعْل الْمُعَيَّنَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَمْلُوكًا وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا. (١)

وَالصُّلْحُ إِنْقَاصٌ لِلْحَقِّ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَخْذُ مَال الْغَيْرِ بِدُونِ وَجْهٍ مَشْرُوعٍ وَهُوَ جَائِزٌ؛ لأَِنَّا إِذَا أَجْمَعْنَا عَلَى بَذْل الْمَال بِغَيْرِ حَقٍّ فِي فِدَاءِ الأَْسْرَى وَالْمُخَالَعَةِ وَالظَّلَمَةِ وَالْمُحَارَبِينَ وَالشُّعَرَاءِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا لِدَرْءِ الْخُصُومَةِ. (٢)

وَذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَّهُ يُبَاحُ مِنْ رِبَا الْفَضْل مَا


(١) أشباه ابن نجيم / ٩١ - ٩٢، وأشباه السيوطي ٩٧، والمنثور ٢ / ٢٤ - ٢٥.
(٢) هامش الفروق ٤ / ٨.