للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَالِكِيَّةِ هَذَا الرَّأْيَ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، لَكِنَّهَا غَيْرُ ظَاهِرِ الْقَوْل. وَدَلِيلُهُمْ عَلَى صِحَّةِ التَّطْهِيرِ بِمَائِهَا الْعُمُومَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى طَهَارَةِ جَمِيعِ الْمِيَاهِ مَا لَمْ تَتَنَجَّسْ أَوْ يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِ الْمَاءِ، وَالدَّلِيل عَلَى الْكَرَاهِيَةِ أَنَّهُ يُخْشَى أَنْ يُصَابَ مُسْتَعْمِلُهُ بِأَذًى لأَِنَّهَا مَظِنَّةُ الْعَذَابِ.

وَيَنْقُل الْعَدَوِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ غَيْرَ الأَُجْهُورِيِّ جَزَمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّطْهِيرِ بِمَاءِ هَذِهِ الآْبَارِ. وَهِيَ الرِّوَايَةُ الظَّاهِرَةُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي آبَارِ أَرْضِ ثَمُودَ، كَبِئْرِ ذِي أَرْوَانَ (١) وَبِئْرِ بَرَهُوتَ (٢) ، عَدَا بِئْرِ النَّاقَةِ (٣) .

وَالدَّلِيل عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ التَّطْهِيرِ بِمَاءِ هَذِهِ الآْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِهْرَاقِ الْمَاءِ الَّذِي اسْتَقَاهُ أَصْحَابُهُ مِنْ آبَارِ أَرْضِ ثَمُودَ، فَإِنَّ أَمْرَهُ بِإِهْرَاقِهَا يَدُل عَلَى أَنَّ مَاءَهَا لاَ يَصِحُّ التَّطْهِيرُ بِهِ. وَهَذَا النَّهْيُ وَإِنْ كَانَ وَارِدًا فِي الآْبَارِ الْمَوْجُودَةِ بِأَرْضِ ثَمُودَ إِلاَّ أَنَّ غَيْرَهَا مِنَ الآْبَارِ الْمَوْجُودَةِ بِأَرْضٍ غَضِبَ


(١) بئر ذي أروان: هي التي وضع فيها السحر للنبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي ١٤ / ١٧٤ - ١٧٨ ط المصرية) وفي رواية البخاري: ذروان. (فتح الباري ١٠ / ١٨٥ - ١٨٩)
(٢) بئر برهوت: بئر عميقة بأرض حضرموت. وحديث: " بئر برهوت " رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس بلفظ: " خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم. وشر ماء على وجه الأرض ماء بوادي برهوت. . . " الحديث، قال ابن حجر: رواته موثقون، وفي بعضهم مقال، لكنه قوي في المتابعات. وقد جاء عن ابن عباس من وجه آخر موقوفا. (فيض القدير ٣ / ٤٨٩ ط التجارية)
(٣) بئر الناقة: بئر كانت تردها الناقة بأرض ثمود. يقول ابن عابدين في حاشيته (١ / ٤٠) : هي بئر كبيرة يردها الحجاج في هذه الأزمان.