للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُضِيُّ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّل؛ لأَِنَّهُ إِذَا قَدَرَ عَلَى إِدْرَاكِ الْحَجِّ لَمْ يَعْجِزْ عَنِ الْمُضِيِّ فِي الْحَجِّ، فَلَمْ يُوجَدْ عُذْرُ الإِْحْصَارِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّل، وَيَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ (١) .

وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ أَنَّا لَوْ أَلْزَمْنَاهُ التَّوَجُّهَ لَضَاعَ مَالُهُ؛ لأَِنَّ الْمَبْعُوثَ عَلَى يَدَيْهِ الْهَدْيُ يَذْبَحُهُ وَلاَ حَصَل مَقْصُودُهُ. وَالأَْوْلَى فِي تَوْجِيهِ الاِسْتِحْسَانِ أَنْ نَقُول: يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّل؛ لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى إِدْرَاكِ الْهَدْيِ صَارَ كَأَنَّ الإِْحْصَارَ زَال عَنْهُ بِالذَّبْحِ، فَيَحِل بِالذَّبْحِ عَنْهُ؛ وَلأَِنَّ الْهَدْيَ قَدْ مَضَى فِي سَبِيلِهِ، بِدَلِيل أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الضَّمَانُ بِالذَّبْحِ عَلَى مَنْ بَعَثَ عَلَى يَدِهِ بَدَنَةً، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الذَّهَابِ بَعْدَ مَا ذَبَحَ عَنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا (٢) .

أ - مَنْ أُحْصِرَ فَلَمَّا قَارَبَ أَنْ يَحِل انْكَشَفَ الْعَدُوُّ قَبْل أَنْ يَحْلِقَ وَيَنْحَرَ فَلَهُ أَنْ يَحِل وَيَحْلِقَ، كَمَا لَوْ كَانَ الْعَدُوُّ قَائِمًا إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ فِي عَامِهِ، وَهُوَ أَيْضًا عَلَى بُعْدٍ مِنْ مَكَّةَ.

ب - إِنِ انْكَشَفَ الْحَصْرُ وَكَانَ فِي الإِْمْكَانِ إِدْرَاكُ الْحَجِّ فِي عَامِهِ فَلاَ يَحِل.

ج - وَأَمَّا إِنِ انْكَشَفَ الْحَصْرُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ إِدْرَاكِ الْحَجِّ إِلاَّ أَنَّهُ بِقُرْبِ مَكَّةَ لَمْ يَحِل إِلاَّ بِعَمَل عُمْرَةٍ؛ لأَِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مَضَرَّةٍ.

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا (٣) :

أ - إِنْ زَال الإِْحْصَارُ وَكَانَ الْوَقْتُ وَاسِعًا بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ تَجْدِيدُ الإِْحْرَامِ وَإِدْرَاكُ الْحَجِّ، وَكَانَ حَجُّهُ


(١) بدائع الصنائع ٢ / ١٨٣
(٢) على ما يؤخذ من مواهب الجليل ٣ / ١٩٧
(٣) المجموع ٨ / ٢٤١