للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خِلاَفِهِ إِلاَّ فِيمَا كَانَ مُحْتَاجًا فِيهِ إِِلَى الاِسْتِعَانَةِ وَجَمْعِ الأَْعْوَانِ، وَمَا كَانَ خَاصًّا بِالأَْئِمَّةِ أَوْ نُوَّابِهِمْ، كَإِِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَحِفْظِ الْبَيْضَةِ، وَسَدِّ الثُّغُورِ وَتَسْيِيرِ الْجُيُوشِ، أَمَّا مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِِنَّ لآِحَادِ النَّاسِ الْقِيَامَ بِهِ، لأَِنَّ الأَْدِلَّةَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ وَالرَّدْعِ عَامَّةٌ، وَالتَّخْصِيصُ بِشَرْطِ التَّفْوِيضِ مِنَ الإِِْمَامِ تَحَكُّمٌ لاَ أَصْل لَهُ، وَأَنَّ احْتِسَابَ السَّلَفِ عَلَى وُلاَتِهِمْ قَاطِعٌ بِإِِجْمَاعِهِمْ عَلَى الاِسْتِفْتَاءِ عَنِ التَّفْوِيضِ (١) .

وَشَرَحَ الإِِْمَامُ الْغَزَالِيُّ ذَلِكَ فَقَال: إِنَّ الْحِسْبَةَ لَهَا خَمْسُ مَرَاتِبَ: أَوَّلُهَا التَّعْرِيفُ، وَالثَّانِي الْوَعْظُ بِالْكَلاَمِ اللَّطِيفِ، وَالثَّالِثُ السَّبُّ وَالتَّعْنِيفُ، وَالرَّابِعُ الْمَنْعُ بِالْقَهْرِ بِطَرِيقِ الْمُبَاشَرَةِ، كَكَسْرِ الْمَلاَهِي وَنَحْوِهِ، وَالْخَامِسُ التَّخْوِيفُ وَالتَّهْدِيدُ بِالضَّرْبِ، ثُمَّ قَال: أَمَّا التَّعْرِيفُ وَالْوَعْظُ فَلاَ يَحْتَاجُ إِِلَى إِذْنِ الإِِْمَامِ، وَأَمَّا التَّجْهِيل، وَالتَّحْمِيقُ، وَالنِّسْبَةُ إِِلَى الْفِسْقِ، وَقِلَّةِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ فَهُوَ كَلاَمُ صِدْقٍ، وَالصِّدْقُ مُسْتَحِقٌّ لِحَدِيثِ: أَفْضَل الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ (٢) فَإِِذَا جَازَ الْحُكْمُ عَلَى


(١) الإحياء ٢ / ٤٠٢، شرح النووي على مسلم ٢ / ٢٣، معالم القربة ٢١، الآداب الشرعية ١ / ١٩٥، تحفة الناظر ٩، ١٠، الزواجر ٢ / ١٧٠، الفواكه الدواني ٢ / ٣٩٤.
(٢) حديث: " أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائر ". أخرجه ابن ماجه (٢ / ١٣٣٠ - ط الحلبي) والترمذي (٤ / ٢٧١) من حديث أبي سعيد الخدري، وحسنه الترمذي.