للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِِْمَامِ عَلَى مُرَاغَمَتِهِ فَكَيْفَ يُحْتَاجُ إِِلَى إِذْنِهِ، وَكَذَلِكَ كَسْرُ الْمَلاَهِي، وَإِِرَاقَةُ الْخُمُورِ، فَإِِنَّ تَعَاطِيَ مَا يُعْرَفُ كَوْنُهُ حَقًّا مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِِلَى إِذْنِ الإِِْمَامِ، وَأَمَّا جَمْعُ الأَْعْوَانِ، وَشَهْرُ الأَْسْلِحَةِ فَذَلِكَ قَدْ يَجُرُّ إِِلَى فِتْنَةٍ عَامَّةٍ فَفِيهِ نَظَرٌ (١) وَقَدْ ذَهَبَ إِِلَى اشْتِرَاطِ الإِِْذْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَمْهَرَةُ الْعُلَمَاءِ، لأَِنَّهُ يُؤَدِّي إِِلَى الْفِتَنِ وَهَيَجَانِ الْفَسَادِ (٢) .

وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مُخْتَصًّا بِالأَْئِمَّةِ وَالْوُلاَةِ فَلاَ يَسْتَقِل بِهَا الآْحَادُ كَالْقِصَاصِ، فَإِِنَّهُ لاَ يُسْتَوْفَى إِلاَّ بِحَضْرَةِ الإِِْمَامِ، لأَِنَّ الاِنْفِرَادَ بِاسْتِيفَائِهِ مُحَرِّكٌ لِلْفِتَنِ، وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ لاَ يَنْفَرِدُ مُسْتَحِقُّهُ بِاسْتِيفَائِهِ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فِي شِدَّةِ وَقْعِهِ وَإِِيلاَمِهِ. وَكَذَلِكَ التَّعْزِيرُ لاَ يُفَوَّضُ إِِلَى مُسْتَحِقِّهِ إِلاَّ أَنْ يَضْبِطَهُ الإِِْمَامُ بِالْحَبْسِ فِي مَكَان مَعْلُومٍ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَلاَّهُ الْمُسْتَحِقُّ (٣) .

أَمَّا لَوْ فَوَّضَ الإِِْمَامُ قَطْعَ السَّرِقَةِ إِِلَى السَّارِقِ أَوْ وَكَّل الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ الْجَانِيَ فِي قَطْعِ الْعُضْوِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لِحُصُول الْمَقْصُودِ


(١) الإحياء ٢ / ٤٠٢.
(٢) الزواجر عن اقتراف الكبائر ٢ / ١٧٠، شرح النووي على مسلم ٢ / ٢٣، والآداب الشرعية ١ / ١٩٥، والأحكام السلطانية للماوردي / ٢٤٠، الأحكام السلطانية لأبي يعلى / ٢٨٤، بدائع الصنائع ٩ / ٤٢٠٤ - ٤٢٠٧.
(٣) قواعد الأحكام ٢ / ٩٧، ١٩٨.