للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَزِيَادَتِهِ، فَهَل لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِِقَامَتِهَا اعْتِبَارًا بِهَذَا الْمَعْنَى أَمْ لاَ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْل أَبِي سَعِيدٍ الإِِْصْطَخْرِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِِقَامَتِهَا اعْتِبَارًا بِالْمَصْلَحَةِ لِئَلاَّ يَنْشَأَ الصَّغِيرُ عَلَى تَرْكِهَا، فَيَظُنَّ أَنَّهَا تَسْقُطُ مَعَ زِيَادَةِ الْعَدَدِ كَمَا تَسْقُطُ بِنُقْصَانِهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يَتَعَرَّضُ لأَِمْرِهِمْ بِهَا، لأَِنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَمْل النَّاسِ عَلَى اعْتِقَادِهِ، وَلاَ يَقُودُهُمْ إِِلَى مَذْهَبِهِ، وَلاَ أَنْ يَأْخُذَهُمْ فِي الدِّينِ بِرَأْيِهِ مَعَ تَسْوِيغِ الاِجْتِهَادِ فِيهِ، وَأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ نُقْصَانَ الْعَدَدِ يَمْنَعُ مِنْ إِجْزَاءِ الْجُمُعَةِ.

الْمِثَال الثَّانِي: صَلاَةُ الْعِيدِ وَهَل يَكُونُ الأَْمْرُ بِهَا مِنَ الْحُقُوقِ اللاَّزِمَةِ، أَوْ مِنَ الْحُقُوقِ الْجَائِزَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: مَنْ قَال إِنَّهَا مَسْنُونَةٌ قَال: يُنْدَبُ الأَْمْرُ بِهَا، وَمَنْ قَال إِنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ قَال: الأَْمْرُ بِهَا يَكُونُ حَتْمًا.

الْمِثَال الثَّالِثُ: صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ:

صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَإِِقَامَةُ الأَْذَانِ فِيهَا لِلصَّلَوَاتِ مِنْ شَعَائِرِ الإِِْسْلاَمِ، وَعَلاَمَاتِ مُتَعَبَّدَاتِهِ الَّتِي فَرَّقَ بِهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ دَارِ الإِِْسْلاَمِ وَدَارِ الشِّرْكِ، فَإِِذَا اجْتَمَعَ أَهْل مَحَلَّةٍ أَوْ بَلَدٍ عَلَى تَعْطِيل الْجَمَاعَاتِ فِي مَسَاجِدِهِمْ، وَتَرْكِ الأَْذَانِ فِي أَوْقَاتِ صَلَوَاتِهِمْ، كَانَ الْمُحْتَسِبُ مَنْدُوبًا إِِلَى أَمْرِهِمْ بِالأَْذَانِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَوَاتِ، وَهَل ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ