للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، أَوْ مُسْتَحَبٌّ لَهُ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، عَلَى وَجْهَيْنِ مِنِ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ فِي اتِّفَاقِ أَهْل بَلَدٍ عَلَى تَرْكِ الأَْذَانِ وَالْجَمَاعَةِ، وَهَل يَلْزَمُ السُّلْطَانَ مُحَارَبَتُهُمْ عَلَيْهِ أَمْ لاَ؟

فَأَمَّا مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الْجَمَاعَةِ مِنْ آحَادِ النَّاسِ أَوْ تَرَكَ الأَْذَانَ وَالإِِْقَامَةَ لِصَلاَتِهِ، فَلاَ اعْتِرَاضَ لِلْمُحْتَسِبِ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَجْعَلْهُ عَادَةً وَإِِلْفًا، لأَِنَّهَا مِنَ النَّدْبِ الَّذِي يَسْقُطُ بِالأَْعْذَارِ، إِلاَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ اسْتِرَابَةٌ، أَوْ يَجْعَلَهُ إِلْفًا وَعَادَةً وَيَخَافُ تَعَدِّيَ ذَلِكَ إِِلَى غَيْرِهِ فِي الاِقْتِدَاءِ بِهِ، فَيُرَاعِي حُكْمَ الْمَصْلَحَةِ بِهِ فِي زَجْرِهِ عَمَّا اسْتَهَانَ بِهِ مِنْ سُنَنِ عِبَادَتِهِ، وَيَكُونُ وَعِيدُهُ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مُعْتَبَرًا بِشَوَاهِدِ حَالِهِ، كَاَلَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي أَنْ يَسْتَعِدُّوا إِلَيَّ بِحُزَمٍ مِنْ حَطَبٍ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ تُحَرَّقُ بُيُوتٌ عَلَى مَنْ فِيهَا (١) .

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَأْمُرُ بِهِ آحَادَ النَّاسِ وَأَفْرَادَهُمْ كَتَأْخِيرِ الصَّلاَةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا،


(١) حديث: " لقد هممت أن آمر فتياني أن يستعدوا إلي بحزم من حطب، ثم آمر رجلا يصلي بالناس، ثم تحرق بيوت على من فيها ". أخرجه مسلم (١ / ٤٥٢ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة. وفي لفظ " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال