للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِسْقَاطُهُ وَلاَ يَسْقُطُ بِالإِْسْقَاطِ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُونَ بَيْعَ الشَّيْءِ الْغَائِبِ مَعَ مُرَاعَاةِ شَرَائِطِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ. (١)

وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي " خِيَارِ الرُّؤْيَةِ ".

وَهَكَذَا فِي كُل مَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى مِمَّا شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْعِبَادِ لاَ يَجُوزُ إِسْقَاطُهُ.

وَمَا دَامَتْ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى لاَ تَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنَ الْعِبَادِ فَلاَ يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْ إِسْقَاطِهَا، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يُصَالِحَ أَحَدٌ سَارِقًا أَوْ شَارِبًا لِلْخَمْرِ لِيُطْلِقَهُ وَلاَ يَرْفَعَهُ لِلسُّلْطَانِ لأَِنَّهُ لاَ يَصِحُّ أَخْذُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَكَذَا لاَ يَصِحُّ أَنْ يُصَالِحَ شَاهِدًا عَلَى أَنْ لاَ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ لِلَّهِ أَوْ لآِدَمِيٍّ، لأَِنَّ الشَّاهِدَ فِي إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ مُحْتَسِبٌ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} (٢) وَالصُّلْحُ عَنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بَاطِلٌ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَخَذَ عِوَضًا رَدُّهُ لأَِنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. (٣)

وَإِذَا كَانَتْ حُقُوقُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لاَ تَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ، فَإِنَّهَا تَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنْ قِبَل صَاحِبِ الشَّرْعِ رَحْمَةً بِالْعِبَادِ وَتَخْفِيفًا عَنْهُمْ، وَلِذَلِكَ يَقُول الْفُقَهَاءُ: إِنَّ حُقُوقَ


(١) البدائع ٥ / ٢٩٢، ٢٩٧، والهداية ٣ / ٣٢ والاختيار ٢ / ١٥ - ١٦، وأسهل المدارك ٢ / ٢٧٧، والفروق للقرافي ٣ / ٢٤٧، والمغني ٣ / ٥٨١.
(٢) سورة الطلاق / ٢.
(٣) البدائع ٦ / ٤٨ وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٦٦ والذخيرة / ١٥٢.