للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَا إِنْ أَجْرَى فِيهَا كِرَابًا أَيْ حَرْثًا، أَوْ كَرَى أَنْهَارَهَا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَالاً وَلاَ بِمَعْنَى الْمَال، وَهُوَ مُجَرَّدُ الْفِلاَحَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مُتَقَوِّمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ فَلاَ يُبَاعُ وَلاَ يُورَثُ. وَقَال بَعْضُهُمْ: يُبَاعُ حَتَّى يَزُول وُجُودُهُ مِنَ الأَْرْضِ فَتَرْجِعُ إِلَى الأَْوَّل. أَمَّا إِنْ كَانَ لَهُ كِرْدَارٌ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ أَشْجَارٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُورَثُ دُونَ الأَْرْضِ، وَلَمْ يُسَمُّوهُ خُلُوًّا. وَإِنْ كَانَ الْمَالِكِيَّةُ سَمَّوْهُ خُلُوًّا أَوْ أَلْحَقُوهُ بِالْخُلُوِّ كَمَا يَأْتِي، عَلَى أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مِشَدُّ مَسْكَةٍ - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الأَْرْضِ كِرْدَارٌ - فَلِصَاحِبِهَا تَفْوِيضُهَا لِغَيْرِهِ وَتَكُونُ فِي يَدِ الْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ عَارِيَّةً وَالأَْوَّل أَحَقُّ بِهَا، وَلَهُ إِجَارَتُهَا، وَلَهُ أَيْضًا الْفَرَاغُ عَنْهَا لِغَيْرِهِ بِمَالٍ، جَاءَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّة: عِمَارَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ بِيعَتْ فَإِنْ بِنَاءً أَوْ أَشْجَارًا جَازَ، وَإِنْ كِرَابًا أَوْ كَرْيَ أَنْهَارٍ لَمْ يَجُزْ، قَالُوا: وَمُفَادُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمَسْكَةِ لاَ يَجُوزُ، وَكَذَا رَهْنُهَا، وَلِذَا جَعَلُوهُ الآْنَ (فَرَاغًا) أَيْ كَالنُّزُول عَنِ الْوَظَائِفِ بِمَالٍ. فَإِذَا فَرَغَ عَنْهَا لأَِحَدٍ لَمْ يَنْتَقِل الْحَقُّ فِيهَا إِلاَّ إِذَا اقْتَرَنَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ. (١) عَلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ مَالاً مُقَابِل الْفَرَاغِ ثُمَّ لَمْ يَأْذَنِ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ بِنَقْلِهَا يَكُونُ لِدَافِعِ الْمَال حَقُّ الرُّجُوعِ فِيهِ. (٢)

أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: فَإِنَّ الأَْرْضَ الصَّالِحَةَ لِلزَّرْعِ، وَأَرْضَ الدُّورِ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً فِي الشَّامِ


(١) تنقيح الفتاوى الحامدية ٢ / ١٢٩، ١٩٨، ١٩٩، ٢٠١.
(٢) ابن عابدين ٤ / ١٥.