للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِصْرَ، وَالْعِرَاقِ، هِيَ وَقْفٌ وُقِفَتْ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا عَنْوَةً، وَيَقْطَعُهَا الإِْمَامُ أَوْ يُكْرِيهَا لِمَنْ شَاءَ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، وَيَنْتَهِي إِقْطَاعُهَا بِمَوْتِ الْمُقْطِعِ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى وَقْفِيَّتِهَا، فَلاَ تُبَاعُ، وَلاَ تُرْهَنُ وَلاَ تُورَثُ.

لَكِنْ قَدِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأَْوَّل: قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: قَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّهُ يُورَثُ، فَإِنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِالْخُلُوَّاتِ وَالْخَرَاجِ كَالْكِرَاءِ. قَال: وَإِنَّمَا يُلْحَقُ بِهَا إِنْ حَصَل مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ عَلَى الأَْرْضِ أَثَرٌ فِيهَا كَإِصْلاَحٍ: بِإِزَالَةِ شَوْكِهَا، أَوْ حَرْثِهَا، أَوْ نَصْبِ جِسْرٍ عَلَيْهَا، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُلْحَقُ بِالْبِنَاءِ فِي الأَْوْقَافِ، فَيَكُونُ الأَْثَرُ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الأَْرْضِ خُلُوًّا يَنْتَفِعُ بِهِ وَيُمْلَكُ. فَكَأَنَّ الَّذِينَ أَفْتَوْا بِذَلِكَ نَظَرُوا إِلَى أَنَّهُ لاَ يَسْلَمُ الأَْمْرُ مِنْ وُقُوعِ شَيْءٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، أَوْ مِنْ دَفْعِ مَغَارِمَ لِلْمُلْتَزِمِ (وَهُوَ الَّذِي يَتَقَبَّل الأَْرَاضِيَ مِنَ السُّلْطَانِ مُقَابِل مَالٍ يَدْفَعُهُ لَهُ، وَيَأْخُذُ الْمُلْتَزِمُ الْمَال مِنَ الْفَلاَّحِينَ لِتَمْكِينِهِمْ مِنَ الأَْرْضِ) قَال: فَالَّذِي يَنْبَغِي فِي هَذِهِ الأَْزْمَانِ الإِْفْتَاءُ بِالإِْرْثِ؛ وَلأَِنَّهُ أَدْفَعُ لِلنِّزَاعِ وَالْفِتَنِ بَيْنَ الْفَلاَّحِينَ، وَلِلْمُلْتَزِمِ الْخَرَاجُ عَلَى الأَْرْضِ لاَ أَكْثَرَ، وَأَنْ لاَ يَكُونَ لَهُ عَزْل الْفَلاَحِ عَنْ أَثَرٍ لَهُ فِي الأَْرْضِ. (١)


(١) فتاوى الشيخ عليش ٢ / ٢٤٥، ٢٤٦، ٢٤٧.