للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاحِدٌ يَخْتَصُّ بِالطَّرَفَيْنِ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي تُرْفَعُ إِلَيْهِ الدَّعْوَى. أَمَّا إِذَا تَعَدَّدَ الْقُضَاةُ، وَاسْتَقَل كُلٌّ بِمَحَلَّةٍ يَخْتَصُّ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ أَهْلِهَا، وَلاَ يَتَعَدَّاهَا إِلَى غَيْرِهَا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ الْقَاضِي الْمُخْتَصِّ بِنَظَرِ الدَّعْوَى عَلَى الآْرَاءِ الآْتِيَةِ.

١٦ - الرَّأْيُ الأَْوَّل: أَنَّ الدَّعْوَى تُرْفَعُ إِلَى الْقَاضِي الَّذِي يَخْتَارُهُ الْمُدَّعِي. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَمُعْظَمُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (١) وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ إِذَا تَعَدَّدَ الْقُضَاةُ فِي نِطَاقِ بَلَدٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ الْمُتَنَازِعَانِ مِنْ أَهْل هَذَا الْبَلَدِ. (٢)

وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا الرَّأْيِ بِأَنَّ الْمُدَّعِي هُوَ الَّذِي لاَ يُجْبَرُ عَلَى الْخُصُومَةِ، بِحَيْثُ إِذَا تَرَكَهَا تُرِكَ وَشَأْنُهُ، فَهُوَ الْمُنْشِئُ لِلْخُصُومَةِ، فَيُعْطَى الْخِيَارَ: إِنْ شَاءَ أَنْشَأَهَا عِنْدَ قَاضِي مَكَانِهِ هُوَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْشَأَهَا عِنْدَ قَاضِي مَكَانِ خَصْمِهِ، فَلأَِنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي الدَّعْوَى جُعِل الْحَقُّ لَهُ فِي تَعْيِينِ الْقَاضِي. (٣)


(١) البحر الرائق ٧ / ١٩٣ - مطبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر ١٣٣٣ هـ، نهاية المحتاج ٨ / ٨٦ - المطبعة البهية المصرية ١٣٠٤ هـ، حاشية الشرواني وحاشية العبادي على تحفة المحتاج ١٠ / ١١٩، القواعد لابن رجب ص ٣٦٢ - الطبعة الأولى ١٩٣٣م، منتهى الإرادات القسم الثاني ص ٥٧٥، غاية المنتهى ٣ / ٤٣١
(٢) حاشية الدسوقي ٤ / ١٦٤
(٣) حاشية الدسوقي ٤ / ١٣٥، كشاف القناع ٤ / ١٧٢، تكملة حاشية ابن عابدين ٧ / ٤٠١ المطبعة العثمانية ١٣٢٧ هـ.