للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُفَرَّقُ بَيْنَ حَالَتَيْنِ: (الأُْولَى) : أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَرِيبًا مِنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِحَيْثُ إِذَا أَحْضَرَهُ الْقَاضِي أَمْكَنَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَبِيتَ فِيهِ. (وَالثَّانِيَةُ) : أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِحَيْثُ إِذَا أُحْضِرَ إِلَيْهِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْمَبِيتِ فِي مَنْزِلِهِ.

فَفِي الْحَالَةِ الأُْولَى يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي إِحْضَارُهُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، إِذْ لاَ يَتِمُّ إِنْصَافُ الْمَظْلُومِينَ مِنَ الظَّالِمِينَ إِلاَّ بِذَلِكَ.

وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لاَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي إِحْضَارُهُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، لأَِنَّ حُضُورَ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ يُزْرِي بِبَعْضِ النَّاسِ، وَقَدْ لاَ يَكُونُ لِلْمُدَّعِي غَرَضٌ مِنْ دَعْوَاهُ إِلاَّ أَذِيَّةَ خَصْمِهِ. وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي إِحْضَارُ الْخَصْمِ إِذَا اسْتَطَاعَ الْمُدَّعِي أَنْ يُعَضِّدَ دَعْوَاهُ بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا، فَإِنْ فَعَل أَمَرَ الْقَاضِي بِإِحْضَارِهِ. ثُمَّ إِذَا حَضَرَ أُعِيدَتِ الْبَيِّنَةُ مِنْ أَجْل الْقَضَاءِ بِهَا. وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَطْلُبُ مِنَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً مِنْ أَجْل إِحْضَارِ خَصْمِهِ، وَإِنَّمَا يَكْتَفِي مِنْهُ بِالْيَمِينِ عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُ، فَإِنْ حَلَفَ أَمَرَ الْقَاضِي بِإِحْضَارِ خَصْمِهِ، وَإِلاَّ فَلاَ. (١)

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَعِيدِ وَالْقَرِيبِ، وَحَدُّ الْبُعْدِ عِنْدَهُمْ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، فَأَمَّا


(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٤٢٠ ط بولاق ١٢٧٢ هـ.