للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَرِيبُ فَيَنْبَغِي عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ بِإِحْضَارِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، فَإِنْ أَبَى لِغَيْرِ عُذْرٍ أَحْضَرَهُ قَهْرًا. عَلَى أَنَّهُ لاَ يَأْمُرُ بِإِحْضَارِهِ إِلاَّ إِذَا قَدَّمَ الْمُدَّعِي وَجْهًا يَسْتَوْجِبُ إِحْضَارَهُ، فَإِنْ أَظْهَرَ حُجَّةً أَوْ قَوْلاً يُوجِبُ ذَلِكَ أَجَابَهُ، وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْ شَيْئًا لَمْ يَأْمُرْ بِإِحْضَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ بَعِيدًا عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ أَكْثَرَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَإِنَّهُ لاَ يَجِبُ إِحْضَارُهُ، وَقَدْ أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ الْبَعِيدِ إِذَا كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَيِّنَةٌ فَقَدْ جَعَلُوا لِلْقَاضِي الَّذِي رُفِعَتْ إِلَيْهِ الدَّعْوَى أَنْ يَكْتُبَ إِلَى قَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَطْلُبَ مِنْهُ اسْتِجْوَابَهُ، وَيُسَجِّل مَا يُبْدِيهِ مِنْ حُجَجٍ ثُمَّ يُرْسِلَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْظُرَ فِي الدَّعْوَى عَلَى ضَوْءِ مَا يَصِلُهُ مِنْ قَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي شَاهِدٌ بِدَعْوَاهُ كَتَبَ الْقَاضِي إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِمَّا أَنْ تَحْضُرَ أَوْ تُرْضِيَ خَصْمَكَ. (١)

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجِبُ إِحْضَارُ الْخَصْمِ الْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ، أَوْ مَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، بِحَيْثُ يَسْتَطِيعُ الْحُضُورَ إِلَيْهِ وَالرُّجُوعَ إِلَى بَلَدِهِ فِي الْيَوْمِ نَفْسِهِ. وَلَكِنَّهُمُ اشْتَرَطُوا مِنْ أَجْل وُجُوبِ إِحْضَارِ الْخَصْمِ أَنْ لاَ يُعْلَمَ كَذِبَ


(١) العقد المنظم للحكام ٢ / ١٩٩، القوانين الفقهية ص ٢٨٧، القول المرتضى ق ٣ ب