للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُوصَى بِهِ فِعْلاً يُسْتَدَل بِهِ عَلَى الرُّجُوعِ، فَلَوْ أَنَّ الْمُوصِيَ فَعَل فِي الْمُوصَى بِهِ فِعْلاً لَوْ فَعَلَهُ فِي الْمَغْصُوبِ لاَنْقَطَعَ بِهِ مِلْكُ الْمَالِكِ كَانَ رُجُوعًا كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ، وَكَمَا إِذَا أَوْصَى بِثَوْبٍ ثُمَّ قَطَعَهُ وَخَاطَهُ قَمِيصًا، أَوْ بِقُطْنٍ ثُمَّ غَزَلَهُ، أَوْ بِحَدِيدَةٍ ثُمَّ صَنَعَ مِنْهَا إِنَاءً؛ لأَِنَّ هَذِهِ الأَْفْعَال لَمَّا أَوْجَبَتْ حُكْمَ الثَّابِتِ فِي الْمَحَل وَهُوَ الْمِلْكُ فَلأََنْ تُوجِبَ بُطْلاَنَ مُجَرَّدِ كَلاَمٍ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ أَصْلاً أَوْلَى؛ وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ أَنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَْفْعَال تُبَدِّل الْعَيْنَ وَتُصَيِّرُهَا شَيْئًا آخَرَ اسْمًا وَمَعْنًى فَكَانَ اسْتِهْلاَكًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، فَكَانَ دَلِيل الرُّجُوعِ. (١)

لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْجُحُودِ أَوِ الإِْنْكَارِ هَل يَكُونُ رُجُوعًا؟ .

فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْجَحْدَ لاَ يَكُونُ رُجُوعًا.

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ رِوَايَتَانِ، جَاءَ فِي بَدَائِعِ الصَّنَائِعِ: لَوْ أَوْصَى ثُمَّ جَحَدَ الْوَصِيَّةَ ذَكَرَ فِي الأَْصْل أَنَّهُ يَكُونُ رُجُوعًا وَلَمْ يَذْكُرْ خِلاَفًا؛ لأَِنَّ مَعْنَى الرُّجُوعِ عَنِ الْوَصِيَّةِ هُوَ فَسْخُهَا وَإِبْطَالُهَا، وَفَسْخُ الْعَقْدِ كَلاَمٌ يَدُل عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بِالْعَقْدِ السَّابِقِ وَبِثُبُوتِ حُكْمِهِ، وَالْجُحُودُ فِي مَعْنَاهُ؛ لأَِنَّ الْجَاحِدَ لِتَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرُ رَاضٍ بِهِ


(١) البدائع ٧ / ٦١، ٣٧٨، وجواهر الإكليل ٢ / ٣١٨، ومغني المحتاج ٣ / ٧١ - ٧٢، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٥٤٥.