للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِتْلاَفَ حَقِّ الشَّرْعِ صُورَةً دُونَ مَعْنًى حَيْثُ إِنَّ الرُّكْنَ الأَْصْلِيَّ فِي الإِْيمَانِ - وَهُوَ التَّصْدِيقُ - بَاقٍ عَلَى حَالِهِ. (١) وَمَعَ ذَلِكَ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْفِعْل وَالتَّرْكِ، بَل رَجَّحَ الْحَنَفِيَّةُ مِنْهُمُ الأَْخْذَ بِالْعَزِيمَةِ فِي هَذَا الْمِثَال بِالْخُصُوصِ؛ لأَِنَّ إِحْيَاءَ النُّفُوسِ - هُنَا - يُقَابِلُهُ مَوْقِفٌ عَظِيمٌ مِنْ مَوَاقِفِ السُّمُوِّ وَالإِْبَاءِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْحَقِّ مَهْمَا اشْتَدَّتِ الْفِتْنَةُ وَعَظُمَ الْبَلاَءُ. (٢) وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا التَّرْجِيحِ بِمَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ أَكْرَهَ رَجُلَيْنِ - مِنَ الْمُسْلِمِينَ - عَلَى الْكُفْرِ فَنَطَقَ أَحَدُهُمَا بِكَلِمَتِهِ فَنَجَا، وَأَصَرَّ الآْخَرُ عَلَى الْجَهْرِ بِالْحَقِّ فَهَلَكَ، فَقَال فِيهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ خَبَرُهُمَا: أَمَّا الأَْوَّل فَقَدْ أَخَذَ بِرُخْصَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ صَدَعَ بِالْحَقِّ فَهَنِيئًا لَهُ (٣) .

٢ - مَا أَبَاحَهُ الشَّرْعُ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْمُحَرِّمِ وَتَرَاخِي الْحُرْمَةِ: مِثْل الإِْفْطَارِ فِي رَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسَافِرِ، فَإِنَّ السَّبَبَ الْمُحَرِّمَ لِلإِْفْطَارِ - وَهُوَ شُهُودُ الشَّهْرِ - قَائِمٌ، لَكِنَّ وُجُوبَ الصَّوْمِ أَوْ حُرْمَةَ الإِْفْطَارِ غَيْرُ قَائِمَةٍ عَلَى الْفَوْرِ بَل ثَابِتَةٌ عَلَى


(١) المصادر السابقة.
(٢) كشف الأسرار ١ / ٦٣٦، والتوضيح ٣ / ٨٥.
(٣) حديث: " إكراه مسيلمة رجلين من المسلمين على الكفر " أخرجه ابن أبي شيبة من حديث الحسن مرسلاً، وأخرجه كذلك عبد الرزاق في تفسيره عن معمر معضلاً، كذا في " الكافي الشافي " لابن حجر (٢ / ٦٣٧ - ط دار الكتاب العربي بهامش الكشاف) .