للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ وَالآْثَارُ، فِي حِينِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ (١) .

وَعَلَى ضَوْءِ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الرِّضَا أَخَصُّ مِنْ الاِخْتِيَارِ، قَسَّمُوا الاِخْتِيَارَ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ يُوجَدُ الرِّضَا فِي أَحَدِهَا، وَيَنْعَدِمُ فِي قِسْمَيْنِ:

١ - اخْتِيَارٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ مَا يَكُونُ صَاحِبُهُ مُتَمَتِّعًا بِالأَْهْلِيَّةِ الْكَامِلَةِ دُونَ إِكْرَاهٍ مُلْجِئٍ (٢) أَوْ كَمَا يَقُول الْبَزْدَوِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْبُخَارِيُّ: مَا يَكُونُ الْفَاعِل فِي قَصْدِهِ مُسْتَبِدًّا - أَيْ مُسْتَقِلًّا (٣) ".

وَالاِخْتِيَارُ الصَّحِيحُ - عِنْدَهُمْ - يَتَحَقَّقُ حَتَّى وَإِنْ صَاحَبَهُ إِكْرَاهٌ مَا لَمْ يَكُنْ مُلْجِئًا، لَكِنَّ الرِّضَا يَتَحَقَّقُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ الإِْكْرَاهِ، وَأَمَّا إِذَا وُجِدَ إِكْرَاهٌ غَيْرُ مُلْجِئٍ، فَإِنَّ الاِخْتِيَارَ صَحِيحٌ، وَالرِّضَا فَاسِدٌ.

٢ - اخْتِيَارٌ بَاطِلٌ وَهُوَ حِينَمَا يَكُونُ صَاحِبُهُ مَجْنُونًا، أَوْ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الرِّضَا مَعْدُومًا أَيْضًا.

٣ - اخْتِيَارٌ فَاسِدٌ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى إِرَادَةِ


(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٥٠٧، وكشف الأسرار ٤ / ٣٨٣، والمصادر الفقهية والأصولية السابقة.
(٢) الإكراه الملجئ عند الحنفية هو ما يكون التهديد بإتلاف النفس أو العضو، أو الضرب الذي يفضي إلى تلف النفس، أو العضو، وغير الملجئ هو ما كان الإكراه بالحبس أو القيد، أو الضرب (بدائع الصنائع ٧ / ١٧٥) .
(٣) كشف الأسرار ٤ / ٣٨٢.