للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ (١) } فِي حِينِ لَمْ يَشْتَرِطِ الرِّضَا فِي بَعْضِ تَصَرُّفَاتٍ غَيْرِ مَالِيَّةٍ، مِثْل الطَّلاَقِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلاَقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالرَّجْعَةُ (٢) وَمِنَ الْمَعْلُومِ بَدَاهَةً أَنَّ الرِّضَا بِآثَارِ الْعَقْدِ لاَ يَتَحَقَّقُ مَعَ الْهَزْل، مَعَ أَنَّهُ لاَ يُؤَثِّرُ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ، وَعَلَى ضَوْءِ ذَلِكَ قَسَّمُوا الْعُقُودَ فَجَعَلُوا بَعْضَهَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى الرِّضَا وَهِيَ الْعُقُودُ الَّتِي سَمَّوْهَا بِالْعُقُودِ غَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْفَسْخِ، وَهِيَ النِّكَاحُ، وَالطَّلاَقُ، وَالرَّجْعَةُ. وَاشْتَرَطُوا فِي بَعْضِهَا الرِّضَا، وَهِيَ الْعُقُودُ الْمَالِيَّةُ، ثُمَّ جَعَلُوا الاِخْتِيَارَ أَسَاسًا لِجَمِيعِ الْعُقُودِ (٣) .

١٠ - وَلَمْ يَعْتَرِفِ الْجُمْهُورُ بِهَذَا التَّقْسِيمِ الثُّلاَثِيِّ لِلاِخْتِيَارِ، حَيْثُ هُوَ مَحْصُورٌ عِنْدَهُمْ فِي الصَّحِيحِ وَالْبَاطِل، كَمَا أَنَّ الإِْكْرَاهَ عِنْدَهُمْ يُنَافِي الاِخْتِيَارَ كَمَا يُنَافِي الرِّضَا، قَال الشَّاطِبِيُّ: فَالْعَمَل إِذَا تَعَلَّقَ بِهِ الْقَصْدُ تَعَلَّقَتْ بِهِ الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ، وَإِذَا عُرِّيَ عَنِ الْقَصْدِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا. فَلَوْ فَرَضْنَا الْعَمَل مَعَ عَدَمِ الاِخْتِيَارِ كَالْمُلْجَأِ، وَالنَّائِمِ وَالْمَجْنُونِ. . فَلاَ يَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِهِمْ مُقْتَضَى


(١) سورة النساء / ٢٩.
(٢) حديث: " ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق والنكاح والرجعة " أخرجه أبو داود ٣ / ٦٤٤ - تحقيق عزت عبيد دعاس، والترمذي (٣ / ٤٨١ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال: " حديث حسن ".
(٣) إعلام الموقعين ٣ / ١٢٣ - ١٢٦