للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَفْعِ حَرَجٍ لاَزِمٍ فِي الدِّينِ (١) .

وَكَذَا الاِسْتِحْسَانُ، قَال السَّرْخَسِيُّ: كَانَ شَيْخُنَا الإِْمَامُ يَقُول: الاِسْتِحْسَانُ تَرْكُ الْقِيَاسِ وَالأَْخْذُ بِمَا هُوَ أَوْفَقُ لِلنَّاسِ، وَقِيل: الاِسْتِحْسَانُ طَلَبُ السُّهُولَةِ فِي الأَْحْكَامِ فِيمَا يُبْتَلَى فِيهِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، وَقِيل: الأَْخْذُ بِالسِّعَةِ وَابْتِغَاءُ الدَّعَةِ، ثُمَّ قَال: وَحَاصِل هَذِهِ الْعِبَارَاتِ أَنَّهُ تَرْكُ الْعُسْرِ لِلْيُسْرِ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي الدِّينِ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٢) . وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ وَمُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حِينَ وَجَّهَهُمَا إِلَى الْيَمَنِ: يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا (٣) .

وَمِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي ذَلِكَ قَاعِدَةُ: الْمَشَقَّةُ تَجْلُبُ التَّيْسِيرَ. وَقَال الْعُلَمَاءُ: يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ جَمِيعُ رُخَصِ الشَّرْعِ وَتَخْفِيفَاتِهِ. وَبِمَعْنَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْل الشَّافِعِيِّ: إِذَا ضَاقَ الأَْمْرُ اتَّسَعَ. قَال ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: وُضِعَتِ الأَْشْيَاءُ فِي الأُْصُول عَلَى أَنَّهَا إِذَا ضَاقَتِ اتَّسَعَتْ، وَإِذَا اتَّسَعَتْ ضَاقَتْ.

وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الرُّخَصُ، وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ لِدَفْعِ الْحَرَجِ وَنَفْيِهِ عَنِ الأُْمَّةِ.


(١) الاعتصام ٢ / ١١٤ المكتبة التجارية.
(٢) سورة البقرة / ١٨٥.
(٣) حديث: " يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٥٢٤ - ط السلفية) ، ومسلم (٣ / ١٣٥٩ - ط الحلبي) من حديث أبي موسى الأشعري.