للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعُقُودِ الْقَبْضُ، فَهُوَ عَقْدٌ لَمْ يَحْصُل بِهِ مَقْصُودٌ أَصْلاً، بَل هُوَ الْتِزَامٌ بِلاَ فَائِدَةٍ " (١) .

(خَامِسًا) إِنَّ مَطْلُوبَ الشَّارِعِ صَلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَحَسْمُ مَادَّةِ الْفَسَادِ وَالْفِتَنِ. وَإِذَا اشْتَمَلَتِ الْمُعَامَلَةُ عَلَى شَغْل الذِّمَّتَيْنِ، تَوَجَّهَتِ الْمُطَالَبَةُ مِنَ الْجِهَتَيْنِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ وَالْعَدَاوَاتِ، فَمَنَعَ الشَّرْعُ مَا يُفْضِي إِلَى ذَلِكَ بِاشْتِرَاطِ تَعْجِيل قَبْضِ رَأْسِ الْمَال (٢) .

وَلاَ يَخْفَى أَنَّ اشْتِرَاطَ قَبْضِ رَأْسِ مَال السَّلَمِ قَبْل التَّفَرُّقِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَيْسَ شَرْطَ صِحَّةٍ؛ لأَِنَّ السَّلَمَ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا بِدُونِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَال، ثُمَّ يَفْسُدُ بِالاِفْتِرَاقِ قَبْل الْقَبْضِ. وَبَقَاءُ الْعَقْدِ صَحِيحًا يَعْقُبُ الْعَقْدَ وَلاَ يَتَقَدَّمُهُ، فَيَصْلُحُ الْقَبْضُ شَرْطًا لَهُ (٣) .

وَقَدْ جَاءَ فِي م (٣٨٧) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ: " يُشْتَرَطُ لِبَقَاءِ صِحَّةِ السَّلَمِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، فَإِذَا تَفَرَّقَ الْعَاقِدَانِ


(١) نظرية العقد لابن تيمية ص ٢٣٥.
(٢) الفروق للقرافي ٣ / ٢٩٠.
(٣) بدائع الصنائع ٥ / ٢٠٣، رد المحتار ٤ / ٢٠٨، وانظر م ٥٥٥ من مرشد الحيران، البحر الرائق ٦ / ١٧٧.