للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَبْل تَسْلِيمِ رَأْسِ مَال السَّلَمِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ ".

وَقَدْ خَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ فِي اشْتِرَاطِ تَعْجِيل رَأْسِ مَال السَّلَمِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَقَالُوا: يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِ شَرْطٍ، اعْتِبَارًا لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ: " مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ "، حَيْثُ إِنَّهُمُ اعْتَبَرُوا هَذَا التَّأْخِيرَ الْيَسِيرَ مَعْفُوًّا عَنْهُ؛ لأَِنَّهُ فِي حُكْمِ التَّعْجِيل (١) ، وَمِنْ هُنَا قَال الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ (الإِْشْرَافِ) فِي تَعْلِيل جَوَازِ ذَلِكَ التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ: " فَأَشْبَهَ التَّأْخِيرَ لِلتَّشَاغُل بِالْقَبْضِ " (٢) .

قَال ابْنُ رُشْدٍ فِي " الْمُقَدِّمَاتِ الْمُمَهِّدَاتِ ": (وَأَمَّا تَأْخِيرُهُ فَوْقَ الثَّلاَثِ بِشَرْطٍ، فَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ، كَانَ رَأْسُ الْمَال عَيْنًا أَوْ عَرْضًا. فَإِنْ تَأَخَّرَ فَوْقَ الثَّلاَثِ بِغَيْرِ شَرْطٍ لَمْ يُفْسَخْ إِنْ كَانَ عَرْضًا. وَاخْتُلِفَ فِيهِ إِنْ كَانَ عَيْنًا: فَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ بَابِ


(١) شرح الخرشي ٥ / ٢٢٠، المقدمات الممهدات لابن رشد ص ٥١٦، مواهب الجليل ٤ / ٥١٤ وما بعدها، إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك للونشريسي ص ١٧٣، ولعل ذلك مستفاد من أن مالكا في المدونة لم يجعل اليوم واليومين أجلا، كما نقل صاحب التاج والإكليل (٤ / ٣٦٧) عن ابن سراج.
(٢) الإشراف على مسائل الخلاف ١ / ٢٨٠.