للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّابِئِينَ فِيهَا، كَسَائِرِ الْكُفَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْل الْكِتَابِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لأَُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، حَتَّى لاَ أَدَعَ إِلاَّ مُسْلِمًا وَحَدِيثِ عَائِشَةَ. آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يُتْرَكُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ (١) وَفِي الْمُرَادِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ خِلاَفٌ، وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (أَرْضُ الْعَرَبِ) .

وَأَمَّا فِي خَارِجِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ سَائِرِ بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ: فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِقْرَارِ الصَّابِئَةِ فِيهَا عَلَى أَقْوَالٍ:

فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى جَوَازِ إِقْرَارِهِمْ فِيهَا، وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ نَصَارَى، وَأَنَّ تَعْظِيمَهُمْ لِلْكَوَاكِبِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْعِبَادَةِ لَهَا.

وَقَال صَاحِبَاهُ: لاَ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ لأَِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ كَعِبَادَةِ الْمُشْرِكِينَ لِلأَْصْنَامِ (٢) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: بِجَوَازِ إِقْرَارِهِمْ كَذَلِكَ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ يَجُوزُ أَنْ تُضْرَبَ عَلَى كُل كَافِرٍ، كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ (٣) .


(١) حديث عائشة: " آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أحمد (٦ / ٢٧٥ - ط الميمنية) وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (٥ / ٣٢٥ - ط القدسي) : رجاله " رجال الصحيح ".
(٢) فتح القدير ٤ / ٣٧٠، وفي كتاب الخراج خلاف هذا عن أبي يوسف، الرتاج ٢ / ٩٦.
(٣) جواهر الإكليل ١ / ٢٦٦، وتفسير القرطبي ١ / ٤٣٥.