للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الصَّابِئَةَ يَجُوزُ أَنْ تُعْقَدَ لَهُمُ الذِّمَّةُ بِالْجِزْيَةِ، عَلَى الْقَوْل بِأَنَّهُمْ مِنَ النَّصَارَى، إِنْ وَافَقُوهُمْ فِي أَصْل دِينِهِمْ، وَلَوْ خَالَفُوهُمْ فِي فُرُوعِهِ، وَلَمْ تُكَفِّرْهُمُ النَّصَارَى. أَمَّا إِنْ كَفَّرَتْهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لِمُخَالَفَتِهِمْ فِي الْفُرُوعِ، فَقَدْ قِيل: يَجُوزُ أَنْ يُقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ مُنَاكَحَتُهُمْ، لأَِنَّ مَبْنَى تَحْرِيمِ النِّكَاحِ، الاِحْتِيَاطُ، بِخِلاَفِ الْجِزْيَةِ (١) .

وَهَذَا التَّرَدُّدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِنَّمَا هُوَ فِي الصَّابِئَةِ الْمُشَابِهَةِ لِلنَّصَارَى (وَهُمُ الْمُسَمَّوْنَ الْمَنْدَائِيِّينَ) ، أَمَّا الصَّابِئَةُ عُبَّادُ الْكَوَاكِبِ: فَقَدْ جَزَمَ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الْخِلاَفَ لاَ يَجْرِي فِيهِمْ، وَأَنَّهُمْ لاَ يُقَرُّونَ بِبِلاَدِ الإِْسْلاَمِ. قَال: وَلِذَلِكَ أَفْتَى الإِْصْطَخْرِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ - الْخَلِيفَةَ الْقَاهِرَ - بِقَتْلِهِمْ، لَمَّا اسْتَفْتَى فِيهِمُ الْفُقَهَاءَ، فَبَذَلُوا لَهُ مَالاً كَثِيرًا فَتَرَكَهُمْ (٢) .

وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ، لِنَصِّ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُمْ جِنْسٌ مِنَ النَّصَارَى: وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُمْ جِنْسٌ مِنَ الْيَهُودِ، قَالُوا: وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْفَلَكَ حَيٌّ نَاطِقٌ، وَإِنَّ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ آلِهَةٌ فَهُمْ كَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ، أَيْ:


(١) الجمل على المنهج ٥ / ٢١٣، والأحكام السلطانية ١٤٣، والقليوبي ٣ / ٢٥٣ ومغني المحتاج ٤ / ٢٤٤.
(٢) نهاية المحتاج ٦ / ٢٨٨، وأحكام أهل الذمة لابن القيم ١ / ٩٢، وطبقات الشافعية للسبكي ٢ / ١٩٣.