للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى صِحَّةِ الصُّلْحِ عَنِ الْمُجْمَل عِنْدَهُمْ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا مُجْمَلاً فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ وَصَالَحَهُ عَنْهُ عَلَى عِوَضٍ، صَحَّ الصُّلْحُ.

قَال الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: هَذَا إِذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا لَهُمَا فَيَصِحُّ الصُّلْحُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَاهُ، كَمَا لَوْ قَال: بِعْتُكَ الشَّيْءَ الَّذِي نَعْرِفُهُ أَنَا وَأَنْتَ بِكَذَا فَقَال: اشْتَرَيْتُ صَحَّ. (١)

وَالثَّانِي لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُصَالَحِ عَنْهُ مَعْلُومًا إِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى التَّسْلِيمِ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَطْلُوبَ التَّسْلِيمِ اشْتَرَطَ كَوْنَهُ مَعْلُومًا لِئَلاَّ يُفْضِيَ إِلَى الْمُنَازَعَةِ.

جَاءَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: إِذَا ادَّعَى حَقًّا فِي دَارِ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّ، فَاصْطَلَحَا عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ يُعْطِيهِ الْمُدَّعِي لِيُسَلِّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي لاَ يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ؛ لأَِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْتَاجُ إِلَى تَسْلِيمِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ ذَلِكَ لاَ يَدْرِي مَاذَا يُسَلِّمُ إِلَيْهِ، فَلاَ يَجُوزُ. (٢)

أَمَّا إِذَا كَانَ مِمَّا لاَ يَحْتَاجُ التَّسْلِيمَ - كَتَرْكِ الدَّعْوَى مَثَلاً - فَلاَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا؛ لأَِنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ لاَ تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ،


(١) أسنى المطالب ٢ / ٢١٨، وروضة الطالبين ٤ / ٢٠٣.
(٢) فتاوى قاضيخان (بهامش الفتاوى الهندية) ٣ / ١٠٤.