للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ هَاهُنَا سَاقِطٌ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الإِْبْرَاءِ عَنِ الْمَجْهُول، وَهُوَ جَائِزٌ. (١) قَال الإِْسْبِيجَابِيُّ: لأَِنَّ الْجَهَالَةَ لاَ تُبْطِل الْعُقُودَ لِعَيْنِهَا، وَإِنَّمَا تُبْطِل الْعُقُودَ لِمَعْنًى فِيهَا، وَهُوَ وُقُوعُ الْمُنَازَعَةِ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُسْتَغْنَى عَنْ قَبْضِهِ وَلاَ تَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي ثَانِي الْحَال فِيهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى قَبْضِهِ، وَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي ثَانِي الْحَال عِنْدَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ لَمْ يَجُزْ. (٢)

وَالثَّالِثِ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مِمَّا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ. (٣) وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ مِمَّا لاَ يَتَعَذَّرُ.

فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ، فَقَدْ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى صِحَّةِ الصُّلْحِ عَنْهُ.

(٤)


(١) رد المحتار ٤ / ٤٧٣، قرة عيون الأخيار ٢ / ١٥٥، بدائع الصنائع ٦ / ٤٩، الفتاوى الخانية ٣ / ٨٨، ١٠٤، وانظر م (١٠٢٨) من مرشد الحيران وم (١٥٤٧) من مجلة الأحكام العدلية، وشرح المجلة للأتاسي ٤ / ٥٤٧، درر الحكام لعلي حيدر ٤ / ٢٤، وما بعدها.
(٢) حاشية الشلبي على تبيين الحقائق ٥ / ٣٢.
(٣) أي: لا سبيل إلى معرفته، ومثل ذلك في الأعيان: كقفيز حنطة وقفيز شعير اختلطا وطحنا فلا يمكن التمييز بينهما. ومثله في الديون، كمن بينهما معاملة أو حساب مضى عليه زمن طويل ولا علم لكل منهما بما عليه لصاحبه (شرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٦٣، كشاف القناع ٣ / ٣٨٤) .
(٤) مواهب الجليل ٥ / ٨٠، حاشية البناني على الزرقاني على خليل ٦ / ٣، المغني ٤ / ٥٤٣، كشاف القناع ٣ / ٣٨٤، شرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٦٣، وقد اختار ابن قدامة في هذه الحالة صحة الصلح إذا كان مما لا يحتاج إلى تسليمه. أما إذا كان مما يحتاج إلى تسليمه، فلا يجوز مع الجهالة، لأن تسليمه واجب، والجهالة تمنع التسليم، وتفضي إلى التنازع، فلا يحصل مقصود الصلح. (المغني ٤ / ٥٤٤) .