للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ، فَلاَ تُضْمَنُ إِذَا هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلاَ تَقْصِيرٍ (١) وَذَلِكَ لِحَدِيثِ: لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ (٢) .

وَلأَِنَّ عَقْدَ الْعَارِيَّةِ تَمْلِيكٌ أَوْ إِبَاحَةٌ لِلْمَنْفَعَةِ، وَلاَ تَعَرُّضَ فِيهِ لِلْعَيْنِ، وَلَيْسَ فِي قَبْضِهَا تَعَدٍّ، لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَانْتَفَى سَبَبُ وُجُوبِ الضَّمَانِ.

وَإِنَّمَا يَتَغَيَّرُ حَال الْعَارِيَّةِ مِنَ الأَْمَانَةِ إِلَى الضَّمَانِ، بِمَا يَتَغَيَّرُ بِهِ حَال الْوَدِيعَةِ (٣) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى تَضْمِينِ الْمُسْتَعِيرِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَارِيَّةِ، وَهُوَ: مَا يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْكُتُبِ، إِلاَّ أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَلاَكِهَا أَوْ ضَيَاعِهَا بِلاَ سَبَبٍ مِنْهُ فَلاَ يَضْمَنُ حِينَئِذٍ، خِلاَفًا لأَِشْهَبَ الْقَائِل: إِنَّ ضَمَانَ الْعَوَارِيِّ ضَمَانُ عَدَاءٍ، لاَ يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا ذَهَبُوا إِلَى عَدَمِ تَضْمِينِهِ مَا لاَ يُغَابُ عَلَيْهِ، كَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ، فَلاَ يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ الضَّمَانَ، وَلَوْ كَانَ لأَِمْرٍ خَافَهُ، مِنْ طَرِيقٍ


(١) الدر المختار ٤ / ٥٠٣، والاختيار ٣ / ٥٦، وانظر حاشية عميرة على شرح المحلي ٣ / ٢٠، وإعانة الطالبين ٤ / ٤٣١.
(٢) حديث: " ليس على المستعير غير المغل ضمان ". تقدم تخريجه ف (٤٩) .
(٣) العناية والكفاية على الهداية ٧ / ٤٦٩، وانظر بدائع الصنائع ٦ / ٢١٧.